الآخر الصغرى:
أمّا الكبرى: فتحديد مدى نفوذ تصرّفات مَن له الأمر والولاية على الذمّة، بحيث يتحدّد تصرّفه النافذ من غير النافذ، وذلك بعد فرض ولاية شخص على آخر في نفسه وذمّته وعمله.
وهناك بحث صغروي آخر: في أنّ من له الولاية من هو؟ نفس زيد؟! أم أنّ هناك شخصاً آخر له ولاية على زيد؟!
أمّا في البحث الأوّل- وهو أنّ من له الولاية على زيد ما هو مقدار سلطانه؟- فهذا كلّه مجعول وليس أمراً حقيقيّاً وواقعيّاً أو تكوينيّاً، ولهذا لا جعل لأحد في كثير من أنحاء التصرّف في النفس وغيرها، لا لنفس صاحب الذمّة والعمل، ولا لشخصٍ آخر بالنسبة إليه، وهو أمرٌ يرجع إلى الجعل العقلائي والجعل الشرعي؛ ولهذا تختلف المجتمعات العقلائيّة والقوانين الزمنيّة عصراً بعد عصر في دائرة هذا المجعول.
وبعد ذلك يبحث في حدود هذه السلطنة ودائرتها: من له ولاية الأمر على زيد نفساً وذمّةً وعملًا؟
وهنا يمكن ادّعاء أنّ هناك أولويّة ذاتيّة واقعيّة ثابتة بقطع النظر عن الجعل والتشريع، وهي أنّ زيداً هو بنفسه أولى بأن يعطى هذه الولاية من شخص آخر في عَرضه، فكما أنّ اللَّه أولى منه بهذه الولاية، كذلك هو أولى بهذه الولاية- بقطع النظر عن اللَّه- من شخصٍ آخر. ولعلّه إلى هذا اشير أيضاً في الحديث الذي عيّن فيه أمير المؤمنين عليه السلام خليفةً؛ حيث قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»[1]؛ فهنا إشارة إلى هذا الأمر المركوز في الأذهان، وهو أنّ كلّ إنسان أولى
[1] الكافي( الاصول) 1: 420، الحديث رقم( 42)