وهذه الملكيّة ليست ملكيّةً اعتباريّة أو تشريعيّة، بل هي ملكيّة حقيقيّة، مرجعها إلى الإحاطة والقيمومة التكوينيّة من قِبله تبارك و تعالى، وإلى الافتقار الذاتي لموجودات عالم الإمكان، وهذا الافتقار الذاتي مساوقٌ لتعلّقها وارتباطها بساحة الواجب سبحانه و تعالى.
المعنى الثاني: الملكيّة الحقيقيّة أيضاً، ولكن بنحو أدنى وأضعف من الملكيّة الاولى، وهي ملكيّة الإنسان لنفسه وذمّته وأعماله وشؤونه وهيئاته المتّصلة به؛ فإنّ الإنسان مالكٌ لهذه الامور.
وهذه الملكيّة ليست أمراً اعتباريّاً أو مجعولًا على حدّ ملكيّة الإنسان للأموال الخارجيّة، بل هي أثرٌ واقعيّ حقيقيٌّ ثابت بقطع النظر عن الجعل والاعتبار والتشريع؛ فالإنسان مسلّط- بحسب طبعه- على نفسه وعلى فعله وذمّته، وهذه السلطنة التكوينيّة هي حقيقة هذه الملكيّة وروحها.
أمّا ما يُقال من أنّ الحرّ لا يملك عمله، فينبغي أن يراد به عدم ملكيّته له بالملكيّة الاعتباريّة على حدّ مالكيّة المستأجر لعمل الأجير، أو على حدّ مالكيّة المولى لعمل عبده، لا على حدّ هذا النحو من المالكيّة، وإلّا فهذا النحو من السلطنة والمالكيّة ثابت للإنسان بالإضافة إلى ذاته وأعماله وأفعاله بلا حاجةٍ إلى جعلٍ خارجي، ومن هنا تترتّب عليه آثار الملكيّة؛ فيجوز جعله عوضاً ومعوّضاً في باب الإجارة أو في باب البيع على مناسبات المقامات، مع اشتراطها فيها، وليس ذلك إلّالتحقّق الملكيّة بهذا المعنى الواقعي، غير المحتاج إلى الجعل والاعتبار.
المعنى الثالث: الملكيّة المقوليّة، أي ما يسمّى في لسان الفلاسفة بمقولة الجدة؛ فإنّهم بعدما زعموا أنّ المقولات العرضيّة تسع، اعتبروا مقولة الملك أو