أتعلمون كم كان صعباً وكم أحسست بالصعوبة حينما حاولت أن أستخلص النظام الاقتصادي للإسلام من الفقه الإسلامي؟! حينما بدأت هذه المحاولة رأيت أنّ الفقه الإسلامي بحاجة إلى عمليّة توسيع افقي، وأمّا الفراغات الكثيرة الكثيرة التي تركها الفقهاء بسبب اتّباعهم النهج المحدّد الموروث الذي لا يزيد ولا ينقص، تلك الفراغات التي تركوها بسبب اتّباعهم منهجاً تقليديّاً محدّداً، هذه الفراغات لا بدّ أن تملأ فقهيّاً، وملؤها فقهيّاً عمل صعب عسير جدّاً؛ لأ نّها مناطق جديدة يجب أن تغذّى بالفكر الفقهي؛ لأنّها أراض بكر يدخلها الباحث الفقهي ويكتشفها لأوّل مرّة، وهذا يزيد من الصعوبة والخطورة، [ويحتّم لممارسة] هذا العمل وجود ذهنيّة فقهيّة في درجة عالية من الدقّة، وإنّ الشخص أو الأشخاص الذين يستطيعون أن يقوموا بالتوسيع الافقي للعمل الفقهي هم اولئك الذين بلغوا الذروة في التطوّر الفكري، بلغوا الذروة في الامتداد العمودي.
هؤلاء الذين بلغوا الذروة في التطوّر الفكري، في الامتداد العمودي الفكري، هؤلاء هم الذين يمكنهم على مرّ الزمن أن يطوّروا، أن يوسّعوا افقيّاً، وتكون التوسعة افقيّاً بنفس الدرجة من العمق والدقّة، تتمتّع بنفس الضمانات التي تمتّع بها الفقه في حدوده التقليديّة»[1].
الموضوعات التي عالجها الإمام الشهيد الصدر قدس سره
وانطلاقاً من هذه الرؤية، بادر الإمام الشهيد الصدر قدس سره إلى معالجة مجموعة من الموضوعات المنطقيّة والفقهيّة خلال ستّ عطل رمضانيّة، جسّد في الاولى جانباً من منطقه الذاتي الذي أصّله لاحقاً في كتاب (الاسس المنطقيّة
[1] ومضات: 379- 381