إن كانت معلومةً لدينا، فهذا يرجع إلى العقل الثاني وليس إلى شيء آخر في قباله.
وإن لم تكن كذلك وكانت مبيّنة بعنوان ما هو موضوعٌ للباء ومحمولٌ للألِف فحسب، وقيل: إنّ القطع انصبّ على هذا العنوان الإجمالي، قلنا: إنّه لا يعقل أن يكون هذا العنوان محمولًا أوّليّاً ذاتيّاً للألِف؛ لأنّ عنوان موضوع الباء- بما هو موضوعٌ للباء- إنّما هو عنوانٌ انتزاعي من واقع موضوع الباء، وليس عنواناً أوّليّاً. وهذا العنوان عبارة عن عنوان ثانوي للمحمول الأوّلي.
وإذا لم يكن ممكناً أن ينتسب إلى باب العقل الأوّل، ننتقل إلى السؤال عن هذا المحمول الثانوي الذي ليس محمولًا أوّليّاً ولا ذاتيّاً للألِف: كيف أدركنا ثبوته لها من دون معجزةٍ أو إلهام؟ فإن أدركنا ثبوته للألِف بتوسّط إدراك ثبوت المحمول الأوّلي- يعني بتوسّط إدراك ثبوت واقع موضوع الباء للألِف- وأدركنا عنوان ثبوت موضوع الباء للألِف، فهذا يعني أ نّنا رجعنا إلى العقل الأوّل، وعدنا إلى المشكلة.
ولهذا لا يمكن تصوّر حصول هذه القضيّة في العقل البشري إلّابرجوعها إلى العقل الأوّل أو الثاني أو الوهم، وإلّا لزم التسلسل.
وإذا فرض عدم إمكان رجوعها إلى العقل الأوّل أو الثاني، فلا يبقى سوى رجوعها إلى الوهم، وعندها ينبغي أن يقال: إنّ القضيّة ناشئة من الوهم لا من القريحة.
وهذا هو وجهُ عدولنا عن فكرة إدخال القريحة في عالم البرهان.
الأمر الثاني: أ نّنا إذا سلّمنا بمثل هذه القريحة في عالم البرهان، فهي على كلّ حال غير مجدية في المقام؛ لأنّ دعوى حصول العلم الإجمالي الناشئ من هذه القريحة- وبحسب مباني الشيخ الرئيس- إمّا أن يكون بملاك المانعيّة وإمّا