وبالقانون العامّ لدى رؤيتها الاقتران وتكرّر ذلك.
والحقيقة أنّ هذا التصوير يفترض أساساً آخر لحصول العلم بالعلّيّة غير أساس العادة الذي نحن بصدد الحديث عنه؛ فقد فرض حصول هذا الاعتقاد في مرتبة سابقة على حدّ التكرار، ولكنّ هذا الاعتقاد ليس قائماً على أساس منطقي وإنّما على أساس وهمي؛ إذ قبل أن تحصل العادة ويحصل العلم بالعلّيّة بسبب التكرار، نسأل عن منشأ العلم بالعلّيّة في المرّة الاولى وقبل تكرار التجربة.
ومن الواضح أنّ البيان الذي تقدّم في المحاولة السابقة لتفسير حصول العلم بالعلّيّة على أساس العادة لا يفي للإجابة عن هذا التساؤل؛ لأنّ المفروض في هذه المحاولة والمفروغ عنه هو حصول العادة الناجمة عن تكرار التجربة، في حين نسأل عن سبب حصول العلم بالعلّيّة لدى إجراء التجربة الاولى.
وبتعبيرٍ آخر: إنّ العادة التي نتحدّث عنها تقع في طول السرّ الذي يقف وراء حصول العلم بالعلّيّة، لا أ نّها هي السبب والسرّ وراء حصول هذا العلم.
3- تفسير المنطق الذاتي
وهذا التفسير يمكن استفادته ممّا ذكرناه في بحث علم الاصول عند تعرّضنا لمسألة الأخباريّين، فقد قلنا هناك[1]: إنّ لدى الإنسان مجموعة من
[1] راجع ما ذكره قدس سره في دورته الاصوليّة الاولى قبل إلقاء هذه المحاضرات في: جواهر الاصول: 195- 205؛ وراجع ما ذكره قدس سره في دورته الاصوليّة الثانية بعد طباعة( الاسس المنطقيّة للاستقراء) في: بحوث في علم الاصول 4: 119 وما بعد، ولم نعثر على تعبيره ب( القريحة) في تقريرات دورتيه الاصوليّتين الاولى والثانية