إعادة توضيح البرهان التجريبي:
ونقوم مرّة اخرى بإعادة البرهان التجريبي بغرض التوضيح، ونسأل الشيخ الرئيس: هل لديه علمٌ بالقضيّة الشرطيّة التالية، وهي أ نّه لو وجدت تسعة وتسعون صدفة فالصدفة المائة غير موجودة؟! أي: هل لديه علمٌ بعدم وجود الصدفة المائة على تقدير وجود تسعة وتسعين صدفة، أم لا؟!
أ- فلو فرضنا أ نّه أجاب بأ نّه يعلم أ نّه لو وجدت الصدفة تسعاً وتسعين مرّة فإنّها لا توجد في المرّة المائة، للزم من ذلك أن يعلم على نحو القضيّة الحقيقيّة أو الخارجيّة أنّ كلّ مائة شخص فيهم تسع وتسعون شخصاً كاذباً، والشخص رقم مائة- الذي هو في نفسه يحتمل أن يكون كاذباً أو صادقاً- يصبح بمجرّد انضمامه إلى هؤلاء التسع والتسعين معصوماً وغير كاذبٍ جزماً، وهذا خلاف الوجدان.
ب- وإذا أجاب بأ نّه لا علم له بمثل هذه القضيّة الشرطيّة، ولكنّه يعلم إجمالًا بعدم اجتماع مائة شخص على الكذب، فعندئذٍ يرد عليه إيرادان:
الإيراد الأوّل: أنّ هذا معناه أنّ علمه بعدم اجتماع مائة شخص على الكذب متوقّف على أن يعلم وعلى أن لا يرى كذب تسعة وتسعين شخصاً، بحيث تفني معاينته لكذب تسعة وتسعين شخصاً من هؤلاء المائة علمه هذا. فمعنى عدم علمه بالقضيّة الشرطيّة: أ نّه لو تحقّق الشرط في هذه القضيّة الشرطيّة في عالم الخارج ورأى تسعةً وتسعين شخصاً كاذباً من هؤلاء المائة، فلا يعلم بعدم اجتماعهم على الكذب. وهذا معناه أنّ علمه مرتبطٌ بالخارج، وليس علماً ناتجاً عن العقل الأوّل.
الإيراد الثاني: أنّ هذه القاعدة لو كانت من قضايا العقل الأوّل فهي تستلزم