الحالة لو قمنا بإيجاد الألِف: ألا يحصل لدينا العلم بعلّيّة الألِف للباء بشكل سريع وبلا تكرار كثيرٍ للتجربة؟!
ثمّ إنّنا لو لاحظنا الدرجات المتوسّطة بين هاتين الدرجتين، لحصل لدينا العلم بعلّيّة الألِف للباء لدى تكرار التجربة أربعين أو خمسين مرّة مثلًا.
ويمكن للشيخ الرئيس الاعتراف بما ذكرناه وتفسيره بالقول: إنّ الاتّفاق الذي لا يكون دائميّاً إنّما هو بحسب النسبة؛ بأن يتحقّق مثلًا في ثلاث تجارب من أصل خمس، بحيث لو قمنا بالتجربة خمس مرّات ولاحظنا ترتّب الباء على الألِف في مرّتين منها فقط، لأمكن احتمال وجود علّة اخرى (التاء) تقف وراء وجود الألِف. أمّا لو ترتّبت الباء ثلاث مرّات فهذا يحقّق الاتّفاق الدائمي الذي يقال باستحالته، بمعنى استحالة وجود علّة اخرى غير الألِف وقفت وراء ترتّب الباء.
إذن: فنحن نعلم بتوزّع التاء في عالم الطبيعة، ولكنّ هذا التوزّع خاضعٌ للنسبة، ومن هنا يختلف عدد التجارب في هذه الفروض. ولو أجاب الشيخ الرئيس بهذا الجواب فهو جوابٌ متين.
ولكن يمكننا أن نسأل الشيخ الرئيس عن الموقف في حال لم نعرف هذه النسبة في العالم، وتردّدَ أمرُ التاء عندنا بين أقصى اليمين وأقصى اليسار من حيث وفرة أو ندرة وجودها؛ فلو قمنا بإيجاد الألِف ألفَ مرّة والحال هذه، أي والحال أ نّنا لا نقف على نسبة وجود التاء في العالم، وهل أ نّها متوفّرة بكثرة أم موجودة بندرة؟! فالمصادرة الوجدانيّة في هذه الحالة تقول بحصول العلم بعلّيّة الألِف للباء، فنكون مطالبين بتفسير حصول هذا العلم إذا فرضنا أنّ حصوله قائمٌ على أساس العقل الأوّل.
وباعتبار أنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمات، دعونا نفترض أسوأ الحالات،