احتمالٌ قائمٌ ومحفوظٌ بحسب عالم الطبيعة في كلتا الحالتين، غاية الأمر أ نّه في الحالة الاولى احتمالٌ معتدٌّ به وكبيرٌ نسبيّاً، ولكنّه في الحالة الثانية احتمالٌ ضئيلٌ نسبيّاً. فلو فرض أنّ الذي يحكم على هذا الاحتمال بالإعدام ويقضي عليه بعد تكرّر التجارب هو العقل الأوّل- وذلك بقانونٍ يدركه إدراكاً أوّليّاً، وهو أنّ الاتّفاق لا يكون غالبيّاً، وأنّ مائة صدفة لا تجتمع في عالم الطبيعة- ففي هذه الحالة تكون نسبة هذا الحكم في كلتا هاتين الحالتين على حدٍّ واحد، ويبقى هذا الاحتمال موجوداً لو كرّرنا التجارب حتّى نصل إلى الرقم الذي فُرض في قاعدة الشيخ الرئيس، فإذا وصلنا إلى ذلك الرقم تكون قانونيّة هذه القاعدة في عالم الطبيعة والمدركة بالعقل الأوّل مُفنية لهذا الاحتمال على حدٍّ واحدٍ في الحالتين، وقبل ذلك لا تكون مُفنيةً له.
وبناءً على تفسير الشيخ الرئيس وحصره تفسيرَ العلم بالعلّيّة بالعقل الأوّل، يلزم هذا المحذور؛ فالشيخ الرئيس بعد اعترافه بالمصادرة الوجدانيّة المحسوسة لا بدّ له من الاعتراف بوجود فرقٍ بين هاتين الحالتين، حيث يفنى هذا الاحتمال في إحداهما قبل فنائه في الاخرى، الأمر الذي لا وجه له على تفسيره، بعد أن رأينا أنّ فناء الاحتمال على مذهبه على حدٍّ واحد في كلتا الحالتين.
إلّاأنّ العلم بالعلّيّة يمكن أن يقوم على أساس آخر؛ إذ من غير الممكن للشيخ الرئيس أن يقول: إنّ الرقم يختلف بين الحالتين، بحيث يُدّعى مثلًا أنّ معلومنا الإجمالي في الحالة الثانية هو عدم اجتماع مائة صدفة، وفي الحالة الاولى هو عدم اجتماع مائة وعشرين صدفة.
إنّ الحالات الوجدانيّة القائمة في النفس تجاه العلّيّة- من قبيل الشكّ في وجود علّة اخرى للباء، أو الظنّ القوي بذلك، أو القطع به- لا يُحتمل أن يكون