اخرى غير الألِف- وهي التي رمزنا إليها بالتاء- اقترنت مع إيجاد الألِف في المرّات الألْف، وكانت هي العلّة الحقيقيّة لترتّب التاء. فالعلّة الاخرى المفترضة هنا هي علّة وماهيّة واحدة، فإذا تمحور برهان العلّيّة عند الشيخ الرئيس حول استحالة الاتّفاق الدائمي لعلّة وماهيّة واحدة، فهذا غير منطبق على المقام والفرض الجديد الذي أضفناه.
ولهذا لا بدّ من تحديد دائرة الاستحالة المدّعاة في عالم الطبيعة حول الاتّفاق الدائمي، فهل المراد استحالة الاتّفاق الدائمي لعلّة وماهيّة واحدة تزامناً مع الألِف تكون العلّة الحقيقيّة لترتّب الباء؟! أم أنّ المراد من استحالة الاتّفاق الدائمي يشمل الحالة الجديدة المفترضة، بحيث يستحيل في عالم الطبيعة الاتّفاق الدائمي لألْف علّة تقترن كلّ واحدة منها بالألِف في مرّة من المرّات، بحيث تكون كلّ علّة في كلّ مرّة مختلفة عن العلّة الاخرى التي تقترن مع الألِف في المرّة الثانية، وهكذا؟! ومع أنّ العلّة الواحدة لا تتكرّر في هذا الفرض، إلّاأنّ المتكرّر فيها هو عنوان (العلّة الاخرى) دون النظر إلى كونها في المرّة الاولى حركةً معيّنةً في الجسم، وفي المرّة الثانية انخفاضاً في ضغط الدم، وفي المرّة الثالثة احمراراً في الوجه مثلًا ..
وبعبارة اخرى: هل أنّ الاتّفاق الدائمي الذي يتحدّث الشيخ الرئيس عن استحالته في عالم الطبيعة هو اتّفاق دائميٌّ في حالة وحدة العلّة والماهيّة المفترضة في عرض الألِف؟! أم أ نّه مطلق الاتّفاق الدائمي حتّى لو كان لدينا ألْفُ علّة مفترضة في عرض الألِف؟!
فلو تناول ألفُ شخصٍ الأسبرين ولاقوا حتفهم مثلًا، ثمّ تبيّن لنا أنّ أحدهم يعاني ضغطاً في الدم، والآخر من مرض آخر، والثالث كذلك، وهكذا ..
فهل يحصل لدينا في هذه الحالة العلم بعلّيّة الألِف للباء؟! الجواب أ نّه لا يحصل.