في مثالنا عامل وجود التاء في المرّة الاولى والثالثة والرابعة، وهو عاملٌ من أصل ثلاثة عشر عاملًا- أو أقلّ من ذلك، باعتبار أنّ لدينا هناك عامل العلّيّة-، فهو احتمالٌ ضئيل، فكيف ستكون الحال إذا افترضنا ألف صورة بدل هذه الصور الثلاث عشرة؟! فعندئذٍ تصبح أقوائيّة احتمال وجود الباء في المرّة الاولى على احتمال وجودها في المرّة الثانية ضئيلةً جدّاً وممّا لا يُلتفت إليه؛ فلا يقال: إنّ هذه الأقوائيّة ثابتة في افق الوجدان فكيف لا يُلتفت إليها؟!
هنا نقول: إنّ الحسّ الباطني شأنه شأن الحسّ الظاهري، فكما أ نّه في المحسوسات الخارجيّة من الممكن أن ترتسم صورتان في شبكة عين الإنسان ويكون- بالدقّة- ما تعكسه إحداهما أكبر ممّا تعكسه الاخرى، لكن دون أن يدرك الإنسان التفاوت بينهما، فكذلك الأمر [في الصور التصديقيّة؛ إذ] من الممكن أن تتكوّن صورتان تصديقيّتان لا يتمكّن الحسّ الباطني من تمييز الفارق بينهما، ومرجع ذلك إلى أنّ الفارق بينهما قد يكون من الضآلة بحيث لا تلتفت إليه النفس.
وهنا بالذات تكمن الثغرة التي عثرنا عليها في هذا البرهان. وحتّى ينجح هذا البرهان فنحن بحاجة إلى أن نظفر بصورة نتمكّن فيها من إبراز الفارق على تقدير وجوده، إلّاأ نّنا إلى الآن لم نوفّق إلى ذلك، ويبقى المجال مفتوحاً أمام الشيخ الرئيس لعدم التسليم ببطلان التالي المذكور في هذا البرهان.
8- البرهان الثامن:
ننتقل الآن إلى البرهان الثامن على إبطال كلام الشيخ الرئيس:
ما كنّا نتحدّث عنه إلى الآن هو فرضُ الشكّ في علّيّة الألِف للباء في حالة إيجاد الألِف ألفَ مرّة وترتّب الباء كذلك ألفَ مرّة، لكن مع احتمال أن لا تكون