فلا بدّ وأن يكون الحدّ الأوسط- الذي أوجب علمَ النفس بثبوت هذا المحمول لهذا الموضوع- هو عدم علّة الوجود، مع أ نّه لا علم لنا في المقام بعدم علّة الوجود إلّابناءً على مسألة المانعيّة، فإذا قلنا في المقام بالتمانع الذاتي بين التاءات وبالتزاحم في مقام التأثير بين مقتضياتها، فحينئذٍ يمكن أن نقول: إنّ عدم المانع أحد أجزاء العلّة. ولكنّنا في المقام نعلم بوجود المانع، وهو انضمام باقي التاءات في باقي الصور إلى هذه الصورة، الذي يكون هو الحدّ الأوسط لثبوت الفقدان والامتناع؛ لأنّ الانضمام هو وجود المانع، والمانع علّة لعدم الممنوع لا محالة، فيكون- بحسب مصطلح البرهان- الحدّ الأوسط لثبوت الفقدان وامتناع هذه الصدفة.
ولكن بعد أن برهنّا في إبطال الشقّ الأوّل على أنّ المانعيّة غير متصوّرة في المقام، وعلى أنّ الانضمام ليس مانعاً، فحينئذٍ لا يكون ثبوت الفقدان والامتناع لواقع الصدفة المعيّنة في المقام بتوسّط الانضمام منتمياً إلى العقل البرهاني؛ لأنّه غير قائم على توسيط حدٍّ يقع محمولًا للحدّ الأصغر وموضوعاً للحدّ الأكبر في العقل الأوّل ويلعب دور همزة الوصل بين الموضوع والمحمول.
والمتحصّل من ذلك: أ نّه لا يمكن في منطق الشيخ الرئيس إخضاع هذه القضيّة لا إلى قوانين العقل الأوّل ولا الثاني.
أ- أمّا عدم إمكان إخضاعها للعقل الأوّل، فلأنّ المحمول ليس ذاتيّاً لموضوعه، وإلّا للزم جريانه في تمام الصدف. أو بتعبير آخر: للزم أن تكون هذه الصدف ممتنعة بالذات، ومن المعلوم أنّ الشيخ الرئيس يقول بامتناعها تبعاً لامتناع علّتها، لا أ نّها على حدّ امتناع شريك الباري.
ب- أمّا عدم إمكان إخضاعها للعقل الثاني؛ فلما بُيّن في منطق الشيخ الرئيس من أنّ العقل الثاني يقوم بالجمع بين قضيّتين من قضايا العقل الأوّل،