الأسبرين الذي اقترن بارتفاع الصداع وزواله، مع احتمالنا استناد ذلك إلى حركة معيّنة في الدم أو في الهواء استوجبت ارتفاع الصداع لا إلى تناول قرص الأسبرين. ثمّ تتكرّر هذه العمليّة للمرّة الثانية والثالثة … والعاشرة .. والمائة، حتّى يصبح استناد ارتفاع الصداع إلى حركة الدم غير محتمل؛ وذلك باعتبار التمانع بين هذه الحركات، وتحرّك الدم في هذا وذاك، إلى مائة شخص يفترض تحرّك الدم فيهم ..
وهنا نأتي لإثارة هذا السؤال: هل يبقى العلم بعدم اجتماع حركات الدم في مائة شخص بحيث استوجبت ارتفاع الصداع لديهم بشكلٍ متقارن مع تناول الأسبرين قائماً مع فرض تماميّة المقتضي الطبيعي بحدّ ذاته لكلّ واحدٍ من هذه الحركات؟!
والجواب سيكون بالنفي.
ولكن يثار هنا سؤال آخر، وهو: هل يمكن أن يبقى العلم بعدم اجتماع هذه الحركات قائماً حتّى في صورة تماميّة المقتضي لذلك؟ ويكون الأمر من قبيل العلم بعدم اجتماع السواد والبياض على جسمٍ مع تماميّة المقتضي لكلّ واحدٍ منهما، حيث يكون العلم بعدم اجتماعهما ناشئاً من التمانع الموجود بينهما؛ إذ يزاحم كلٌّ منهما الآخر ويمنعه عن التأثير في مُقتضاه؟!
وهنا أيضاً نجيب بالنفي.
إذن: ففرض علمنا بعدم اجتماع هذه الحركات هو فرض عدم علمنا بتماميّة المقتضي لذلك، وفي صورة عدم علمنا بتماميّة المقتضي يستحيل الاعتقاد بالمانعيّة؛ لأنّ الاعتقاد بالمانعيّة- كما قلنا- يقع في طول الاعتقاد بوجود المقتضي، ومع عدم العلم بالمقتضي لا يمكن الاعتقاد بالمانعيّة.
ومن هنا نرى أ نّه في صورة افتراض وجود المقتضي في تمام الحركات