إسقاطها؛ فقد قرأنا في علم الاصول[1] أنّ المانعيّة لا تتصوّر إلّامع فرض وجود المقتضي، ففرض استناد عدم الشيء إلى وجود المانع يقع بعد فرض ثبوت المقتضي؛ لأنّ المانعيّة مأخوذٌ فيها ثبوت المقتضي في مرحلة سابقة، وهي نحو من المحاربة معه، ومع عدم المقتضي لا يبقى معنى لهذه الحرب.
إذن: فحين نقول: إنّنا نعلم بعدم اجتماع هذه التاءات مع تمام الألِفات، وبعدم اجتماع هذه المصالح للكذب في تمام نفوس المائة، نسأل أنفسنا: هل يبقى العلم بعدم اجتماع هذه المصالح المائة للكذب حتّى مع فرض العلم بثبوت المقتضي لوجود مصلحة عند كلّ واحد من هؤلاء؟ ومع وجود هذه المصالح واجتماعها في نفوس المخبرين، فهل يحصل لنا العلم بعدم فعليّة هذه المصالح وبعدم حصولها فعلًا؟!
وفي مقام الجواب عن هذا السؤال نقول: إنّه لا شكّ في عدم حصول علمٍ لدينا بصدق المخبرين مع فرض ثبوت المقتضي لداعي الكذب في نفس كلّ واحد منهم؛ فنحن إنّما نعلم بعدم اجتماع دواعي الكذب في فرض عدم علمنا بوجود مقتضٍ لاجتماع هذه الدواعي، وفي صورة العلم بعدم اجتماع هذه الدواعي تكون المانعيّة مستحيلة؛ إذ الفرض عدم العلم بثبوت المقتضي لتمام هذه الامور، وقد ذكرنا سابقاً أنّ المانعيّة غير معقولة في حالة عدم إحراز ثبوت المقتضي.
ومن هنا نخلص إلى أنّ العلم بعدم اجتماع دواعي الكذب لا يمكن أن يكون بملاك المانعيّة.
ب- والآن ننقل الحديث إلى التجربيّات، ونسترجع حالة تناولنا قرص
[1] راجع: بحوث في علم الاصول 5: 390