1- البرهان الأوّل:
والبرهان الأوّل الذي سنقدّمه هنا يبطل أحد شقّي الدعوى، أي أ نّه يبطل الدعوى في حال تشكّل العلم الإجمالي بملاك المانعيّة، حيث نعلم إجمالًا بعدم انضمام (ت) إلى (أ) في مرّة واحدة على الأقلّ من المرّات المائة التي جرّبنا فيها هذه المادّة، بأن نعلم مثلًا أنّ وجود النار في تسعة وتسعين مرّة من أصل مائة مرّة أمرٌ لا مانع منه، إلّاأ نّنا نعلم بعدم وجودها في تمام هذه المرّات المائة، وذلك بملاك التمانع الذاتي بين هذه (التاءات) التي لا تجتمع في عالم الوجود، أي أنّ الوجودات الاقترانيّة المتعدّدة للتاء غير ممكنة بحسب الخارج؛ لأنّ بعضها مانع عن بعضها الآخر، ويكون حالها في ذلك حال الأضداد، فكما أنّ السواد والبياض لا يجتمعان، فكذلك هذه التاءات.
طبعاً هذا المطلب ساقطٌ ابتداءً وتصوّراً. وقبل أن نتأمّل في إسقاطه بالتحليل؛ فإنّ بوسع كلّ شخص يستمع إلى شخص آخر أن يدّعي له أنّ هناك تمانعاً بين هذه التاءات في هذه المرّات المائة.
أ- ففي باب التواتر مثلًا هناك تمانع في أن يكذب هذا ويكون له مصلحة في الكذب، وأن يكون للآخر مصلحة للكذب وهكذا .. بحيث تكون حال المصالح المتعدّدة لهؤلاء الأشخاص حال الضدّين، بعضها يمنع من البعض الآخر، فيمتنع اجتماعها، ومن هنا يمتنع أن يكون في نفس زيد مصلحة للكذب ويكون هناك مصلحة أيضاً في نفس عمرو.
وهذا المطلب يكفي تصوّره لحصول القطع بعدم صحّته، بلا حاجة إلى برهان. إلّاأ نّنا إذا أردنا أن نخضع هذه القضيّة إلى التحليل، فإنّ بالإمكان أيضا