الذي يراد الوضوء له، ولولا ذلك فالماء موفور، والمكلّف سليم ومعافى.
والآخر: ما كان عدم تيسّر استعمال الماء فيه من أجل الأسباب الاخرى التي فصّلناها في سائر الحالات، من قبيل عدم توفّر الماء، أو كون الإنسان مريضاً، ونحو ذلك.
وهذان القسمان يختلفان في الأحكام.
(39) فالقسم الأول يكون التيمّم فيه مسوّغاً ومعوّضاً عن الوضوء أو الغسل بالنسبة إلى ذلك العمل الذي ضاق وقته، سواء كان ذلك العمل فريضةً واجبةً كصلاة الفجر- مثلا- أو عبادةً مستحبةً لها وقت وقد ضاق وقتها ولم يتّسع للوضوء، كصلاة الليل، أو عملا واجباً على سبيل الفور، كما إذا وجب على الجنب دخول المسجد فوراً لإنقاذ حياة إنسان يتعرّض للخطر فيه ولم يكن الوقت متّسعاً للغسل فيتيمّم ويدخل، أو وجب على غير المتوضّئ أن يمسّ فوراً كتابة المصحف الشريف لإنقاذه من التردّي في النجاسة ولم يسمح الوقت بأكثر من التيمّم، ففي كلّ هذه الحالات يسوغ بالتيمّم ذلك العمل الذي ضاق وقته. ولا فرق في ذلك أيضاً بين أن تكون الطهارة شرطاً ضرورياً في ذلك العمل الذي ضاق وقته- كما في الأمثلة المتقدّمة- أو شرطاً كمالياً[1]، كالتيمّم للصلاة على الميّت إذا ضاق وقتها ولم يجز تأخير الجنازة، فإنّ للمريض أن يتيمّم ويصلّي على الميت، ولايسوغ بالتيمّم في هذا القسم غير ذلك العمل الذي ضاق وقته، فلا يجوز لمن يتيمّم لصلاة الليل- على النحو الذي ذكرناه- أن يكتفي بهذا التيمّم لأداء
[1] تكون الطهارة شرطاً ضرورياً للعبادة حينما لا تصحّ هذه العبادة بدونها، بل تقع باطلة. وتكون شرطاً كمالياً حينما تصحّ العبادة بدونها، ولكنّ وقوعها مع الطهارة أفضل، كالصلاة على الأموات فإنّها جائزة وصحيحة بدون طهارة، ولكنّها مع الطهارة أفضل.