وبهذه الطريقة أثبت (بافلوف) أنّ ما يحدّد- أساساً- شعور الإنسان ليس جهازه العضوي وظروفه البيولوجية، بل يحدّده- على عكس ذلك- المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان»[1].
ولنأخذ بشيء من التوضيح محاولة (بولتزير) هذه، التي استدلّ فيها على رأي الماركسية بأبحاث (بافلوف).
يرى (بولتزير) أنّ من رأي (بافلوف) في العمليات الأساسية للمخّ أ نّها كلّها استجابات لمنبّهات وإشارات معيّنة، وهذه المنبّهات والإشارات هي بالدرجة الاولى الإحساسات. ومن الواضح أنّ الاستجابة التي تحصل عن طريق الإحساسات ليست فكرة عقلية مجرّدة عن الشيء؛ لأنّها لا تحصل إلّالدى الإحساس بالشيء المعيّن، فهي لا تتيح للإنسان أن يفكّر في شيء غائب عنه.
وبالدرجة الثانية يأتي دور اللغة والأدوات اللفظية لتقوم بدور المنبّهات والإشارات الثانوية، فيشرط كلّ لفظ بإحساس معيّن من تلك الإحساسات، فيصبح منبّهاً شرطياً بالدرجة الثانية. ويتاح للإنسان أن يفكّر عن طريق الاستجابات التي تطلقها المنبّهات اللغوية إلى ذهنه، فاللغة إذن هي أساس الفكر، وحيث إنّ اللغة ليست إلّاظاهرة اجتماعية فالفكر ليس- على هذا- إلّاظاهرة ثانوية للحياة الاجتماعية.
هذه هي الفكرة التي عرضها (بولتزير).
وبدورنا نتساءل: هل اللغة هي أساس الفكر حقاً، (فليس هناك أفكار عارية متحرّرة من أدوات اللغة) على حدّ تعبير ستالين؟ ولأجل التوضيح نطرح
[1] المادّية والمثاليّة في الفلسفة: 78