أرض الخراج بدراهم مسمّاة أو بطعام معلوم، فيؤاجرها قطعة قطعة أو جريباً جريباً بشيء معلوم، فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان ولا ينفق شيئاً، أو
______________________________
وإذا لاحظنا هذين الأمرين أمكننا القول بأنّ اشتراط العمل في هذا النصّ- نصّ الهاشمي- على المستأجر الوسيط بين المالك والعامل ليس لأجل تبرير الزيادة التي يحصل عليها المستأجر الوسيط نتيجة للفرق بين الاجرة التي دفعها إلى صاحب الأرض والنسبة المئويّة التي يتسلّمها من العامل المباشر ولنفرضها النصف مثلًا، بل إنّ اشتراط العمل على المستأجر الوسيط إنّما هو لتصحيح عقد المزارعة، وتوفير مقوّماته الشرعيّة بما هو عقد خاصّ بقطع النظر عن الزيادة والنقيصة؛ وذلك بناءً على الزعم الفقهي القائل: إنّ المزارعة لا يكفي فيها أن يقدّم صاحب الأرض أرضه، بل لا بدّ لكي تكون صحيحة أن يتعهّد بشيء آخر غير الأرض، كما دلّ على ذلك النصّ الفقهي الذي نقلناه عن الشيخ الطوسي في الفقرة الثالثة، إذ جعل البذر في هذا النصّ الفقهي على صاحب الأرض. وفي الفرضيّة التي يعالجها النصّ الوارد في خبر الهاشمي لم يفترض أنّ المستأجر الوسيط تعهّد للعامل الذي زارعه بالبذر، فكان لا بدّ أن يكلّف بالمساهمة مع العامل الذي يزارعه في العمل.
وينتج عن ذلك: أنّ صاحب الأرض- المالك لها رقبةً أو منفعةً- حينما يزارع عاملًا لا بدّ له من المساهمة مع العامل في العمل أو في البذر ونحوه من النفقة، ولا يكفي مجرّد إعطائه للأرض.
وتفسير نصّ الهاشمي في هذا الضوء لا يتعارض مع ظهوره إطلاقاً، ويحافظ على الفرق بين المزارعة والإجارة كما قرّره النصّان السابقان؛ لأنّ العمل الذي يسوّغ للمستأجر أن يؤجر الأرض بأكثر ممّا استأجرها هو العمل السابق على عقد الإجارة، وشأنه تصحيح التفاوت بين الاجرتين. وأمّا العمل الذي يسوّغ للمستأجر أن يزارع غيره على الأرض بالنصف مثلًا، فهو عمل يقوم به المستأجر الوسيط لها بعد المزارعة، وشأنه تصحيح أصل المزارعة، لا تصحيح التفاوت فحسب. (المؤلّف قدس سره)