فرد بالاستفادة من ماء العين إذا زاد على حاجة صاحبها، ولم يسمح لأحد بزراعة الأرض التي أحياها العامل بدون إذنه، ولو لم يستغلّها العامل في الزراعة فعلًا؟
والواقع أنّ الجواب على هذا جاهز في ضوء معلوماتنا التي اكتشفناها حتّى الآن عن النظريّة: فإنّ العامل يملك قبل كلّ شيء نتيجة عمله، وهي فرصة الاستفادة من المصدر الطبيعي، وملكيّته لهذه الفرصة تحتّم على الآخرين الامتناع عن سرقتها منه وتضييعها عليه، وبذلك يحصل على الحقّ الخاصّ في المصدر الذي أحياه. وهذا كلّه يطّرد في سائر المصادر دون فرق في ذلك بين الأرض والمنجم والعين. فالحقوق التي تنتج عن إحياء تلك المصادر الطبيعيّة متساوية.
والسماح للغير بالاستفادة من عين الماء فيما زاد على حاجة العامل دون الأرض لا ينشأ من اختلاف الحقوق، بل ينبع عن طبيعة تلك الأشياء، فإنّ الفرصة التي يملكها الفرد نتيجة لحفره العين واكتشافه للماء لا تضيع عليه بمشاركة شخص آخر له في الانتفاع بالماء ما دامت العين غزيرة تفيض عن حاجته، فالعين الثريّة بالماء لا تضيق عادة عن تزويد فردين بالماء وإشباع حاجتهما. وبهذا يظلّ العامل محتفظاً بالفرصة التي خلقها دون أن يؤدّي انتفاع الآخر بالعين في شربه وشرب ماشيته إلى فوات تلك الفرصة منه.
وعلى العكس من ذلك الأرض التي يحييها الفرد ويخلق فيها فرصة الانتفاع بها عن طريق إحيائه لها، فإنّ الأرض بطبيعتها لا تتّسع لاستثمارين في وقت واحد، فلو بادر شخص إلى أرض محياة واستثمرها لانتزع بذلك من العامل الذي أحياها الفرصة التي خلقها؛ لأنّ الأرض إذا وظّفت في إنتاج زراعي لا يمكن أن تقوم بدور مماثل، ولا أن تستغلّ لأغراض الإنتاج من قبل فرد آخر.
وهكذا نعرف أنّ الأرض المحياة لا يجوز لغير العامل الذي أحياها أن يستثمرها وينتفع بها؛ لأنّه يضيِّع على العامل الفرصة التي يملكها بعمله، فلكي