المحيي حقّاً في الأرض التي أحياها، لا فيما تضمّ الأرض من ثروات لا تزال في الأعماق.
وأمّا الدليل الشرعي على ملكيّة الفرد للأرض التي أسلم عليها أهلها طوعاً فهو: أنّ الإسلام يحقن الدم والمال، فمن أسلم حقن دمه وسلمت أمواله التي كان يملكها قبل الإسلام. وهذا المبدأ ينطبق على الأرض نفسها، ولا ينطبق على المناجم التي تضمّها؛ لأنّ الشخص الذي أسلم لم يكن قبل إسلامه يملك تلك المناجم فتحفظ له.
وبكلمة اخرى: أنّ مبدأ حقن الدم والمال بالإسلام لا يشرّع ملكيّة جديدة، وإنّما يحفظ للشخص بسبب دخوله في الإسلام ما كان يملكه من أموال قبل ذلك، وليست المناجم من تلك الأموال ليملكها بالإسلام، وإنّما يحفظ له إسلامُه أرضَه التي كانت له سابقاً، فيظلّ مالكاً لها بعد الإسلام، ولا تنتزع منه.
ولا يوجد في الشريعة نصّ على أنّ ملكيّة الأرض تمتدّ إلى كلّ ما فيها من ثروات.
وهكذا نعرف أنّ بالإمكان فقهيّاً- إذا لم يوجد إجماع تعبّدي- القول بأنّ المناجم التي توجد في الأراضي المملوكة أو المختصّة ليست ملكاً لأصحاب الأراضي وإن وجب لدى استثمارها أن يلاحظ حقّ صاحب الأرض في أرضه؛ لأنّ إحياء تلك المناجم واستخراجها يتوقّف على التصرّف في الأرض.
ويبدو أنّ الإمام مالكاً ذهب إلى هذا القول، وأفتى بأنّ المعدن الذي يظهر في أرض مملوكة لشخص لا يكون تابعاً للأرض، بل هو للإمام. فقد جاء في مواهب الجليل ما يلي: «قال ابن بشير: وإن وجد في أرض مملوكة لمالك معيّن ففيها ثلاثة أقوال: