الملكيّة أداة ثانويّة للتوزيع:
ويأتي بعد العمل والحاجة دور الملكيّة بوصفها أداة ثانويّة للتوزيع؛ وذلك أنّ الإسلام حين سمح بظهور الملكيّة الخاصّة على أساس العمل خالف الرأسماليّة والماركسيّة معاً في الحقوق التي منحها للمالك والمجالات التي فسح له بممارستها. فلم يسمح له باستخدام ماله في تنمية ثروته سماحاً مطلقاً دون تحديد، كما صنعت الرأسماليّة فأجازت كلّ ألوان الربح. ولم يغلق عليه فرصة الربح نهائيّاً، كما تفعل الماركسيّة: إذ تحرّم الربح والاستثمار الفردي للمال بمختلف أشكاله، وإنّما وقف الإسلام موقفاً وسطاً فحرّم بعض ألوان الربح كالربح الربوي، وسمح ببعض آخر كالربح التجاري.
وهو في تحريمه لبعض ألوان الربح يعبّر عن خلافه الأساسي مع الرأسماليّة في الحرّية الاقتصاديّة- التي مرّ بنا نقدها في بحث (مع الرأسماليّة)- بوصفها أساساً للتفكير المذهبي الرأسمالي.
وسوف ندرس في بحوث مقبلة بعض ألوان الربح المحرّم في الإسلام، كالربح الربوي، ووجهة نظر الإسلام في إلغائه[1].
كما أنّ الإسلام في سماحه بالربح التجاري يعبّر عن خلافه الأساسي مع الماركسيّة في مفهومها عن القيمة والقيمة الفائضة، وطريقتها الخاصّة في تفسير الأرباح الرأسماليّة، كما مرّ بنا في دراستنا للمادّية التاريخيّة.
وباعتراف الإسلام بالربح التجاري أصبحت الملكيّة بنفسها أداة لتنمية المال عن طريق الاتّجار وفقاً للشروط والحدود الشرعيّة، وبالتالي أداة ثانويّة
[1] سيأتي في مبحث: القانون العامّ لمكافأة المصادر المادّيّة للإنتاج