يبحث عمّا إذا كان لهذه السيطرة ظروفها وأسبابها الخاصّة.
ومن الجدير بنا بهذا الصدد أن نلاحظ كلاماً آخر لأنجلز ساقه في مناسبة اخرى، وهو يعتذر عن أخطاء وقع فيها من جراء تطبيق الديالكتيك على غير المجتمع من مجالات الكون والحياة، قائلًا:
«وغنيّ عن البيان بأ نّني كنت قد عمدت إلى سرد المواضيع في الرياضيات والعلوم الطبيعية سرداً عاجلًا وملخّصاً؛ بغية أن أطمئنّ تفصيلًا إلى ما لم أكن في شكّ منه بصورة عامّة، إلى أنّ نفس القوانين الديالكتيكية للحركة التي تسيطر على العفوية الظاهرة للحوادث في التأريخ تشقّ طريقها في الطبيعة …»[1].
ونحن إذا قارنّا هذا الكلام بالكلام السابق لأنجلز استطعنا أن نعرف كيف اتيح لمفكّر ماركسي مثل أنجلز أن يكوّن مفهومه العامّ عن التأريخ، وبالتالي مفهومه الفلسفي عن الكون والحياة وكلّ ظواهرها من خلال الضوء الذي يلقيه مشهد تأريخي واحد لمجتمع خاصّ من المجتمعات البشرية في فترة محدودة من الزمن بطريقة سهلة جدّاً. فما دام هذا المشهد التأريخي المعيّن يكشف عن صراع بين جماعتين في المجتمع فيجب أن يكون التأريخ كلّه صراعاً بين المتناقضات.
وإذا كان التناقض هو الذي يسود التأريخ فيكفي هذا ليؤمن أنجلز بأنّ نفس قوانين التناقض هذه تشقّ طريقها في الطبيعة- على حدّ تعبيره- وأنّ الكون كلّه صراع بين مختلف التناقضات الداخلية.
[1] ضد دوهرنك 2: 193