مناقشة الاتّجاه الثاني.
ثالثها: وهو تطوير أو تأويل للتقريب الأوّل الذي نقلناه عن السيّد الاستاذ دام ظلّه، وحاصله: أنّ مفاد روايات الاستبراء وإن كان هو النقض الحدثي، والتعبّد بالحدث لا يلزم منه التعبّد بالنجاسة أو البولية- فما أكثر التفكيك بين المتلازمات في مؤدّيات الاصول، ولهذا لا يثبت بأصالة الحلّ في المائع المردّد بين الخمر والخلّ، خليته- غير أنّ هذا المعنى ينبغي التفصيل فيه بين ما إذا كان الدليل على الحكم الظاهريّ عامّاً كأصالة الحلّ، وما إذا كان روايةً في موضوعٍ خاصٍّ وبلحاظ أثرٍ خاصّ.
ففي الأوّل لا يكون للدليل نظر إلى موضوع حكمٍ بالخصوص، فيثبت به الحكم الظاهري، ولا يثبت به تعبّداً موضوع الحكم الواقعيّ المماثل لذلك الحكم الظاهري؛ لأنّ التعبّد يستكشف بقدر إفادة الدليل له.
وفي الثاني لمّا كان دليل الحكم الظاهريّ مسوقاً بلحاظ تنجيز حكمٍ واقعيٍّ معيّنٍ- وهو النقض وإثباته تعبّداً- فبضمّ ارتكاز كون البول موضوعاً لهذا الحكم واقعاً، وارتباط الحكم بالانتقاض به شرعاً يكون لدليل التعبّد بالنقض ظهور عرفيّ ولو التزاماً في التعبّد بالموضوع، وإثبات البولية ظاهراً.
وعلى هذا فالمقتضي إثباتاً لاستفادة النجاسة من روايات الاستبراء تامّ.
يبقى علينا بحث الاتّجاه الثاني، القائل بإيقاع المعارضة بين إطلاقها وإطلاق القاعدة.
ويمكن دفع ذلك:
تارةً بتقديم مفاد روايات الاستبراء؛ لكونه بمثابة الأصل الموضوعي؛ لأنّه يتكفّل بالتعبّد بالبولية: إمّا بلحاظ الوجه الثالث المتقدّم في دفع الاتّجاه الأوّل، وإمّا بلحاظ التعبير بالاستنجاء في موثّقة سماعة، المخصوص بمورد غسل البول