والكلام يقع: تارةً في عرق الإبل الجلّالة بالخصوص، واخرى في عرق غيره من الحيوانات الجلّالة، فهنا فرعان:
أمّا الفرع الأوّل فالكلام في الروايتين: تارةً من حيث السند، واخرى من حيث الدلالة.
أمّا سنداً فالرواية الاولى معتبرة، وأمّا الثانية فهي كذلك، على خدشةٍ تنشأ من أ نّها رواها الشيخ الطوسيّ بطريقه إلى الكليني، على نحوٍ تنتهي بهشام بن سالم[1]، وكذلك رواها في الوسائل عن الكافي مباشرةً، غير أنّ الموجود في المطبوع من الكافي انتهاؤها إلى هشام بن سالم، عن أبي حمزة[2]. فإن عيّن بالانصراف والشهرة في أبي حمزة الثماليّ الثقة فهو، وإن ابدي احتمال انطباقه على أبي حمزة سالم البطائنيّ- الذي لم يثبت توثيقه- حصل نحو تهافتٍ في السند.
وحلّه: أنّ النُسخ التي ثبّتت أبا حمزة في السند لا معوّل عليها إلّامن باب الاطمئنان؛ لعدم وجود طريقٍ شخصيٍّ معتبرٍ إلى كلّ نسخة، بينما يوجد للشيخ طريق معتبر إلى الكلينيّ، وقد روى عنه بإسقاط أبي حمزة، فيزول الاطمئنان عن تلك النسخ، ويكون التعارض من تعارض الحجّة واللا حجّة[3].
[1] تهذيب الأحكام 1: 263، الحديث 768.
[2] الكافي 6: 250، الحديث 1.
[3] توجد بيانات اخرى:
منها: أنّ نقل صاحب وسائل الشيعة عن الكافي بدون أبي حمزة يعارض نسخ الكافي الموجودة، فنرجّح ما في وسائل الشيعة؛ لأنّ له طريقاً صحيحاً الى الكليني، كما صرّح به في خاتمة وسائل الشيعة، وفي إجازاته.
ومنها: أنّ نقل صاحب وسائل الشيعة بدون أبي حمزة عن الكافي يكشف- على الأقلّ- عن تعارض نسخ الكافي، فتسقط، فنأخذ بنقل التهذيب عن الكليني.
ومنها: أنّ تتبّع الكتب التي نقلت عن الكافي قبل قرون يثبت عدم وجود أبي حمزة في الكافي، فيبرهن على حدوث التحريف بعد ذلك، فمثلًا في الروضة البهيّة- 7: 290- ينقل الرواية بدون أبي حمزة عن الكافي، بقرينة ذكره لعبارة:« وهي التي تأكل العذرة» الموجودة في الكافي فقط. وفي شرح إرشاد الأذهان- للمحقّق الأردبيلي، في كتاب الأطعمة والأشربة( 11: 250)- كذلك، وفي جامع الرواة( 2: 315- 316) لم ينقل أنّ هشام بن سالم روى عن أبي حمزة. وفي الحبل المتين( 103) بدون أبي حمزة أيضاً. وذكر في الهامش: أنّ في الكافي بدل« الجلّالة»« الجلّالات»، فلو كان اختلاف في نسخةالكافي لبيَّنه.
ومنها: أ نّه لو فرض تعارض نسخ الكافي مع ما ينقله في تهذيب الأحكام عن الكلينيّ فيتساقطان، فنرجع إلى ما نقله الشيخ باسناده عن أحمد بن محمّد، في تهذيب الأحكام( 9: 45، الحديث 188)، وليس فيه أبو حمزة.
ومنها: أن نفترض أنّ الرواية واردة في الكافي في موردين: أحدهما فيه أبو حمزة، والآخر ليس فيه، فنأخذ به، والذي يشهد على هذه الفرضية هو المحدّث الكاشانيّ في الوافي( راجع الوافي 4: 199- 200، الحديث 4103 و 4104 و 11: 79، الحديث 18978)، حيث نقل الرواية عن الكافي وتهذيب الأحكام بدون أبي حمزة، ثمّ نقلها عن الكافي مع أبي حمزة، ولكنّي لم أعثر على روايةٍ ليس فيها أبو حمزة في الكافي.