كلفتها، ولهذا لا تكون هذه الكلفة كلفةً سوقيةً لهذه العملية؛ لأنّ مالية التطهير إنّما تتحدّد وفقاً للرغبة النوعية في وصف الطهارة، فلا يمكن أن تكون ماليتها أكبر من مالية هذا الوصف.
وهكذا نعرف أ نّه في الحالة التي تكون فيها عملية التطهير عمليةً سوقيةً ولها اجرة المثل تكون اجرتها متطابقةً مع ماليتها، وماليتها متطابقة مع مالية الوصف الذي تنجزه، ولا يمكن أن تكون اجرة المثل أقلّ من مالية الوصف بقدرٍ معتدٍّ به، كما لا يمكن أن تكون أكثر، كما هو واضح.
الرابعة: أن تكون الطهارة دخيلةً في ماليّته، والتطهير ليس فيه مؤونة في نفسه، ولكن تتضرّر به العين، كما في بعض أقسام الفراش، والمنجِّس يضمن هنا النقص الحاصل في قيمة العين بسبب فعله، وحيث إنّ العين يدور أمرها بسبب فعله بين نقصين: إمّا النجاسة وإمّا التأثّر الحاصل بعملية الغسل بالماء فالمضمون على المنجِّس أقلّ النقصين؛ لأنّه الذي لابدّ منه بسببه، فإن كان النقص الذي يحصل بالتطهير ينقص قيمة المال بدرجةٍ أكبر ممّا ينقص قيمته نفس التنجيس لم يضمن إلّابمقدار ما يفوت من المالية بالتنجيس.
الخامسة: نفس الصورة السابقة مع افتراض المؤونة في نفس عملية التطهير أيضاً، والحكم كما في الصورة السابقة، إلّاأنّ نفقات التطهير واجرته تدخل هنا في الحساب في تحديد أقلّ النقصين.
وعلى هذا الأساس إذا لاحظنا المسجد نجد أنّ المسجد نسبته إلى حيطانه وعمّارته نسبة المالك إلى مملوكه، كما تقدّم، فالنقص الحاصل بسبب شخصٍ في عمارة المسجد وممتلكاته مضمون عليه، ولمّا كان زوال الطهارة نقصاً عرفاً بالنسبة إلى المسجد فيكون مضموناً، فإذا كانت لعملية التطهير اجرة سوقية فهي تمثّل دائماً درجة مالية الوصف الفائت، كما تقدّم.