31

ويرد عليه: أ نّه إن رجع ذلك في المقام إلى التفكيك بين الحدث والجنابة بافتراضهما أمرين متغايرين، وأنّ الغسل يرفعهما معاً، والتيمّم لا يرفع إلّا الحدث، إذ لم يثبت إلّاكونه طهوراً، ولا يقتضي ذلك إلّاإزالة الحدث دون الجنابة فيرد عليه: أنّ هذا التفكيك ليس مفهوماً عرفاً من الأدلّة، بل ليس الحدث إلّا عنواناً للجنابة نفسها، لا أنّ هناك اعتبارين متغايرين للجنابة وللحدث. وهذا التفكيك لو تعقّلناه في مورد الجنابة فكيف يمكن تصويره في الميّت؛ لوضوح أ نّه لا يتصوّر بشأنه إلّاأمر واحد، وهو حدث الموت؟

وإن رجع ذلك- بعد التسليم بوحدة الحدث والجنابة- إلى أنّ طهورية التيمّم لا تعني كونه رافعاً لشي‏ءٍ، وأنّ الرافعية تحتاج إلى دليلٍ خاصٍّ كما في الغسل، ومع عدمه في التيمّم يكون مقتضى الجمع بين الأدلّة الالتزام ببقاء الحدث وحصول الطهارة للمتيمّم فهذا أغرب! لأنّ الطهارة معناها النقاء والنظافة من شي‏ء، فالرافعية مستبطنة فيها، واعتبارها شرعاً للتيمّم عبارة اخرى عن جعله رافعاً ومنظّفاً من شي‏ء.

وهل استُفيدت رافعية الغسل للجنابة من قوله تعالى: «وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا»[1] إلّابلحاظ أنّ مادة الطهارة بنفسها مساوقة للنقاء والنظافة؟! فالأمر بها بعد افتراض الجنابة ظاهر عرفاً في كون الغسل رافعاً لها، والشي‏ء نفسه يقال في دليل طهورية التيمّم.

وأمّا وجوب غسل المسّ بمسّ الميّت الميمَّم فهو غير مبنيٍّ على ماذكر، بل على إطلاق دليله، إذ لم يؤخذ في موضوعه سوى عنوان الميّت، وأ نّه لم يغسل، فلابدّ من بحثٍ في: أنّ التغسيل المأخوذ عدمه هل لوحظ بعنوانه، أو بوصفه طهوراً، أو رافعاً للحدث؟

 

[1] المائدة: 6.