وفيه أوّلًا: أنّ ظاهر أدلّة طهورية التراب والتيمّم الطهوريّة الحقيقية، لا الحكمية التنزيلية.
وثانياً: أنّ إطلاق دليل التنزيل يقتضي سوقه بلحاظ جميع الآثار.
الثالث: وهو مبنيّ أيضاً على أنّ دليل مطهّرية التيمّم مفاده التنزيل، فيقال:
إنّ إطلاقه وإن كان يقتضي ترتيب كلّ آثار الطهارة الحدثيّة غير أنّ طهارة العرق ليست من آثار الطهارة الحدثيّة، بل من آثار نفي ضدّها، وهو حدث الجنابة، وتنزيل شيءٍ منزلة أحد الضدّين لا يستلزم تنزيله منزلة عدم ضدّه في الآثار المترتّبة على عدم الضدّ، فالطهارة واقعاً مساوقة لعدم الجنابة، ولكنّ الطهارة تنزيلًا لا تساوق الحكم بعدم الجنابة تنزيلًا.
ويرد عليه- مضافاً إلى أنّ دليل طهورية التيمّم ظاهر في الطهورية التشريعية الواقعية لا التنزيلية-: أنّ الطهارة ليست ضدّاً للجنابة بحسب ما هو المجعول فيها، فإنّ مرجعها إلى اعتبار النقاء والنظافة من الحدث المقابل لها، فإذا نُزِّل شيء منزلة الغسل في كونه نقاءً من الجنابة ترتّب على ذلك- بمقتضى إطلاق التنزيل- كلّ ما لعدم الجنابة والنقاء منها من آثار.
الرابع: أن يقال: بأنّ دليل طهورية التيمّم مفاده الطهورية الحقيقية، لا التنزيلية، غير أ نّه لا يقتضي رفع الجنابة، فالمتيمّم المذكور جُنب ومتطهّر، وحيث إنّ نجاسة العرق من آثار الجنابة فهي باقية ببقاء موضوعها.
وهذا ما اختاره السيّد الاستاذ دام ظلّه[1]، حيث بنى على أنّ التيمّم يوجب الطهارة، ولكنّه لا يرفع حدث الجنابة، ولا حدث الموت فيما إذا يُمِّم الميّت، وفرّع على ذلك وجوب غسل المسّ بمسِّه بعد التيمّم.
[1] التنقيح 2: 148- 149.