فينحصر إثبات المنجّسية- بعد عدم تمامية هذين الطريقين- في الرجوع إلى الإجماعات المنقولة، والشهرات المستفيضة الواردة في أنّ المائع المتنجّس منجّس، الأمر الذي يوجب الحكم بمنجّسية المائع المتنجّس بالمتنجّس ولو على مستوى الاحتياط الوجوبي.
الحالة الثانية: أنّ المتنجّس الأوّل بالمائع المتنجّس بعين النجس هل يكون منجّساً كالمتنجّس الأوّل بعين النجس، أم لا؟
قد يستدلّ على التنجيس بروايات بلِّ قصب البارية بماءٍ قذر، بناءً على أنّ المحذور الملحوظ هو السراية، وبرواية معلّى بن خنيس[1] في الخنزير الذي يخرج من الماء فيسيل منه الماء على الطريق فيمرّ عليه حافياً، فإنّ الأرض المفروضة فيها متنجّسٌ أوّلٌ بالماء المتنجّس بعين النجس، فلو ثبت بالرواية كون الأرض منجّسةً كانت من أدلّة المقام، لكنّها ساقطة سنداً[2].
وقد يستدلّ بمعتبرة عمّار السابقة- الواردة في الموضع القذر بالبول وغيره- بدعوى شمول الغير لغسالة الجنب؛ لأنّ العادة كانت جاريةً على اتّخاذ مثل ذلك المكان مغتسلًا أيضاً، وقد عطفت الغسالة على البول في بعض الروايات[3]، وغسالة الجنب ماءٌ متنجّس، والأرض متنجّسة بها، وقد حكم بأ نّها منجّسة.
وكذلك معتبرة عليّ بن جعفر المتقدّمة في الاغتسال مع النصرانيّ في الحمّام على بعض التقادير، كما إذا بني على نجاسة الكتابيّ ذاتاً، وعلى عدم
[1] وسائل الشيعة 3: 458، الباب 32 من أبواب النجاسات، الحديث 3.
[2] باعتبار عدم ثبوت وثاقة المعلّى بن خنيس.
[3] وسائل الشيعة 1: 213، الباب 9 من أبواب الماء المضاف، الحديث 7.