حتّى يغلي»[1].
وروايته الاخرى: «تشرب ما لم يغلِ، فاذا غلى فلا تشربه». قلت: أيّ شيءٍ الغليان؟ قال: «القلب»[2].
ولا يمكن تقييد هذه الروايات برواية النشيش، إذ يلزم من ذلك إلغاء مبدئية الغليان للحرمة، وكونها حاصلةً بسببٍ سابق، وهو غير تقييد هذه المبدئية بحالٍ دون حال.
أقول: لم ينقّح في هذا الوجه المرجع بعد التعارض والتساقط، فكأ نّه بنى على أنّ رواية النشيش تعارضت مع كلّ روايات الباب، وتعيّن الرجوع بعد التساقط إلى الاصول المرخِّصة، أو عمومات الحلّ، في حين أ نّه يوجد عندنا مرجع فوقانيّ من نفس روايات الباب، وهو ما علّق فيه الحرمة على إصابة النار، كرواية عبد اللَّه بن سنان: «كلّ عصيرٍ أصابته النار فهو حرام»[3]. ولو خلّينا وهذا اللسان لقلنا بكفاية الإصابة، وهي مجرّد وصول حرارة النار إلى الماء وتأثيرها فيه، وهذا أعمّ من النشيش والغليان معاً.
ومثلها رواية اخرى ورد فيها: «وقد روي عنهم عليهم السلام في العصير: أ نّه إذا جعل على النار لم يشرب حتّى يذهب ثلثاه»[4].
وهكذا نحصل على عامٍّ فوقيٍّ يدلّ على كفاية مطلق إصابة النار في حصول الحرمة، وقد ورد عليه مخصِّص، وهو ما دلّ على عدم الحرمة قبل الغليان، وهذا
[1] وسائل الشيعة 25: 287، الباب 3 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1
[2] المصدر السابق: الحديث 3
[3] وسائل الشيعة 25: 282، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1
[4] وسائل الشيعة 25: 288، الباب 4 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1