أمّا تقييم الاحتمال فالجزء الأوّل منه- وهو دعوى الإطلاق في الطائفة الاولى- تقدَّم حاله، واتّضح أ نّه يتمّ بناءً على عدم كون الغليان بنفسه مساوقاً للإسكار، ويشكل بناءً على المساوقة.
وأمّا الجزء الثاني منه- وهو دعوى اختصاص الطائفة الثانية بالمغليّ بالنار- فقد يناقش فيه بلحاظ روايتين:
الاولى: رواية محمد بن الهيثم، عن رجل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
سألته عن العصير يطبخ بالنار حتّى يغلي من ساعته أيشربه صاحبه؟ قال: «إذا تغيّر عن حاله وغلى فلا خير فيه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه»[1].
وهذه الرواية قد يقال في البداية: إنّ موضوعها هو المطبوخ بالنار؛ لأنّ السؤال عنه. ويمكن أن يقال في مقابل ذلك: إنّ الرواية مطلقة؛ لأنّ السؤال إذا كان عن خصوص المطبوخ بالنار فالجواب يبيّن قاعدةً عامّة، والمورد لا يخصّص الوارد، والقرينة على عمومية الجواب قوله: «إذا تغيّر عن حاله وغلى»، إذ يعرف بذلك أنّ مرجع الضمير ليس الواقعة المسؤول عنها بالخصوص، وإلّا فالمفروض فيها الغليان، فلم يكن من المناسب تكرار قيد الغليان لو لم يكن الجواب قاعدةً عامّة.
ويمكن أن يقال: إنّ هذه الرواية مختصّة بالمغليّ بنفسه. وتوضيح ذلك: أنّ كلمة «حتّى» في الحديث يحتمل فيها أ نّها للغاية، أي إلى أن يغلي، ويحتمل أن تكون بمعنى التعليل، أي لكي يغلي من ساعته، فإنّ الخمّارِين كان من شأنهم أن يطبخوا العصير لكي يتهيّأ للتخمّر بصورةٍ أسرع، ويكون مفاد الرواية على هذا الاحتمال: أنّ العصير طبخ حتّى يغلي بعد ذلك من نفسه في وقتٍ قريب، وبناء
[1] وسائل الشيعة 25: 285، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 7