ونلاحظ بوضوح: أنّ الكافر جعل في قائمة النجاسات التي تشتمل على الثعلب والأرنب والفأرة وذرق الدجاج، ومثل هذا لا يمكن أن يكشف عن ارتكازٍ غير قابلٍ للمناقشة بشأن نجاسة الكافر.
وفي كتاب جواهر الفقه لابن البرّاج لم يقع نظري على ما له تعرّض لنجاسة الكافر.
نعم، طرح هذا السؤال، وهو: إذا كان كافراً وتيمّم أو توضّأ ثمّ أسلم هل يكون تيمّمه أو وضوئه صحيحاً؟
ثمّ أجاب بالنفي؛ لأنّ ذلك عبادة يفتقر في صحّتها إلى النية، ولا تصحّ ممّن هو كافر[1]. ومثله في الخلاف للشيخ الطوسي[2].
وهذه العبارة لو استشمّ منها شيء فإنّما تستشمّ الطهارة، لا النجاسة، إذ على القول بالنجاسة كان بالإمكان تعليل بطلان العمل بنجاسة الأعضاء وتنجّس الماء، ولا أقلّ من حيادية العبارة المذكورة.
ومنها: عبارة الغنية المتقدّمة لابن زهرة[3]، وقد أفتى فيها بنجاسة الكافر والثعلب والأرنب.
والمستخلص من كلّ هذا العرض: أنّ كلمات الأقدمين جملة منها غير واضحةٍ في الفتوى بنجاسة الكافر، وبعضها ظاهر في عدم النجاسة، وجملة منها اقترنت فيها الفتوى بنجاسة الكافر بالفتوى بنجاسات أشياء اخرى لا يلتزم بنجاستها، الأمر الذي يوجب احتمال كون مدرك النجاسة في الجميع عندهم على
[1] جواهر الفقه: 13، المسألة 23
[2] الخلاف 1: 127، المسألة 70
[3] تقدّم في الصفحة 313