بمفهومه على البأس في فرض وقوع ما له دم، فإذا بني فيه على عدم ظهوره في استناد البأس إلى مجرّد الملاقاة، وإنّما يقتضي ثبوت البأس بالملاقاة؛ للإطلاق فيه لحالتي التغيّر وعدمه، أمكن تقييده بفرض التغيّر.
وكذلك يمكن المناقشة في جملةٍ من الروايات التي وقع فيها السؤال عن وقوع بعض النجاسات في ماء البئر، وجاء الجواب بالأمر بمقدارٍ محدّدٍ من النزح، وذلك بتقريب: أنّ جهة السؤال إذا كانت هي الاستفهام عن أصل الانفعال وعدمه كان الأمر بالنزح في الجواب ظاهراً في الإرشاد إلى النجاسة.
وأمّا إذا كانت الجهة الملحوظة للسائل- بعد فراغه عن أصل النزح وارتكازه في ذهنه- هي مقدار النزح فلا يكون الأمر بمقدارٍ معيّنٍ من النزح في مقام الجواب دالًاّ على أصل الحكم بالانفعال، بل على إمضاء ما هو المركوز في ذهنه من كون النزح وظيفةً شرعية، وأمّا كونه وظيفة بعنوان كونه تطهيراً لماء البئر، أو عملًا تنزيهيّاً مطلوباً شرعاً، فلا يمكن تعيين ذلك بظهور تلك الروايات، بعد فرض كونها واردة للاستطلاع عن مرتبة متأخّرة عن أصل تشريع النزح، وهي حدّه ومقداره، ومع فرض الإجمال في الجهة الملحوظة للسائل لا يتعيّن للجواب حينئذٍ ظهور في الحكم بالانفعال.
وكذلك أيضاً يمكن المناقشة في رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلواً ولا شيئاً تغرف به فتيمَّم الصعيد، فإنّ ربّ الماء ربّ الصعيد، ولا تقع في البئر، ولا تفسد على القوم ماءَهم»[1]. وذلك أنّ تقريب الاستدلال بهذه الرواية يمكن أن يكون بأحد وجهين كلاهما لا يخلو عن الإشكال:
[1] وسائل الشيعة 1: 177، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 22