مانعة بوجودها العلميّ، لا الواقعيّ.
وعليه فلا أثر إلزاميّ لأحد طرفي العلم الإجماليّ في المقام، وهو الغصبية؛ لأنّ الأثر: إن كان حرمة الشرب فهي معلومة تفصيلًا، وإن كان بطلان الوضوء فهو مترتّب على العلم بالغصبية، لا على واقعها، فلا يكون العلم الإجماليّ بالغصبية أو النجاسة علماً إجمالياً بموضوع التكليف الفعليّ على كلّ تقدير.
والتحقيق: أنّ القول المذكور لا وجه له، حتّى على المبنى المشهور في بحث الاجتماع؛ لأنّ مقتضى المبنى المشهور هناك ليس أخذ العلم بالغصبية قيداً تعبّدياً في موضوع البطلان، بل أخذه بما هو منجّز لحرمة التصرّف، حيث إنّ المشهور يرون إمكان إحراز ملاك الأمر في مادّة الاجتماع حتّى مع سقوط خطاب الأمر وتقديم خطاب النهي عليه: إمّا للدلالة الالتزامية لخطاب الأمر، أو لإطلاق المادّة فيه، أو للإجماع.
ولهذا لا يرى المشهور مانعاً من الحكم بصحة العبادة في مادّة الاجتماع بعد اشتمالها على الملاك إلّاعدم إمكان التقرّب بها لحرمتها فعلًا، وعدم إمكان التقرّب فرع تنجّز حرمة التصرّف، لا وجودها الواقعي، ولا خصوص العلم بها، بل يكفي بدلًا عن العلم سائر المنجّزات. فالميزان في البطلان إذاً على مسلك المشهور هو تنجّز الحرمة الموجب لا ستحالة التقرّب.
وعلى هذا الضوء إذا درسنا العلم الإجماليّ بالنجاسة أو الغصبية لاحظنا أنّ النجاسة موضوع بوجودها الواقعيّ للحرمة الوضعية للوضوء- أي بطلانه- والغصبية موضوع بوجودها الواقعيّ للحرمة التكليفية للوضوء؛ لأنّ التصرّف في مال الغير حرام، فيتشكّل علم إجماليّ بحرمة الوضوء وضعاً أو تكليفاً، وهذا العلم ينجّز طرفيه، وبذلك تتنجّز الحرمة التكليفية للوضوء بوصفها طرفاً للعلم الإجمالي.