فعلى الأوّل ينحلّ العلم الإجمالي- تعبّداً- بجريان الأصل النافي. وعلى الثاني يتحقّق موضوع الطرف الآخر بجريان الأصل النافي حقيقةً، وينحلّ العلم الإجمالي بالعلم التفصيليّ.
ولكنّ المقام ليس من هذا القبيل؛ لأنّ وجوب التيمّم ليس مترتّباً على عدم وجوب الوضوء، بل على عدم وجدان الماء، فالحكمان مترتّبان على نقيضين، وهما: الوجدان، وعدمه، وليس أحدهما مترتّباً على عدم الآخر ليتمّ ملاك الانحلال بجريان الأصل النافي حقيقةً أو تعبّداً.
الثالث: ما ذكره السيّد الاستاذ[1] من: أنّ موضوع وجوب الوضوء ليس مطلق وجود الماء، بل وجوده بنحوٍ يمكن استعماله في رفع الحدث، وهذا الموضوع يمكن نفيه بالاستصحاب؛ وذلك لأنّ المكلّف- في مفروض المسألة- يشكّ في ارتفاع حدثه على تقدير التوضّؤ بالمائع المشكوك؛ لاحتمال إضافته، ومعه لا مناص من استصحاب حدثه لجريان الاستصحاب في الامور المستقبلة، ومقتضاه أنّ الوضوء من المائع المشكوك كعدمه، وبذلك ينتفي موضوع وجوب الوضوء في حقّه؛ لعدم تمكّنه من رفع الحدث بالمائع المشكوك، ويثبت وجوب التيمّم، وينحلّ العلم الإجمالي.
ويرد عليه: أنّ مقتضى بنائه للمسألة على صحّة جريان الاستصحاب في الامور المستقبلة أ نّه يتصوّر استصحاباً جارياً بالفعل، ومن الواضح أنّ ذلك فرع فعلية أركانه بما فيها الشكّ في البقاء، فلابدّ من شكٍّ فعليٍّ في البقاء، وإذا قطعنا النظر عن فرض وقوع الوضوء فلا شكّ لدينا في بقاء الحدث، وإنّما يتصوّر الشكّ حين إدخال فرض وقوع الوضوء، وإدخال هذا الفرض يكون بأحد وجهين:
[1] التنقيح 1: 413