فالقول بأنّ الماء النازل من السماء مادام ماءً ولم يخرج عن حقيقة الماء بالانجماد أو غيره محكوم بالاعتصام، لا يوجب إلغاء دليل انفعال الماء القليل رأساً.
كما أنّ الصحيح أيضاً عدم اختصاص العنوان بالمرتبة الاولى، بقرينة أنّ جملةً من روايات الباب ناظرة إلى الماء الجاري على الأرض، فلابدّ من الالتزام بدخول المرتبة الثانية تحت الحكم بالاعتصام.
وقد يقرَّب اعتصام الماء المستقرّ على الأرض مع فرض اتّصاله بالمطر، حتّى مع عدم فرض الإطلاق في دليل اعتصام المطر بدعوى: أ نّه ماء متّصل بالمعتصم، فيعتصم به بلحاظ ما دلّت عليه صحيحة ابن بزيع من اعتصام ماء البئر لاتّصاله بالمادة[1]. ويرد على هذا التقريب: أنّ اتّصال الماء المستقرّ على الأرض بالخطّ العموديّ من التقاطر وإن كان ثابتاً غير أنّ هذا النحو من الاتّصال لا يكفي للاعتصام حتّى في مورد المادّة الأرضية؛ لأنّه ليس اتّصالًا حقيقياً، ولهذا قالوا:
بأنّ المادّة إذا كانت عاليةً ويتقاطر منها الماء فلا يحكم باعتصام المتقاطر؛ لعدم الاتّصال الحقيقي، فكذلك هنا.
وأمّا اتّصال الماء المستقرّ مع القطرة الأخيرة من ذلك الخطّ العموديّ الملاقية له فهو وإن كان اتّصالًا حقيقياً ولكنّه لو كفى لحصول الاعتصام حينه فلا يكفي لحصول الاعتصام في الآنات المتخلِّلة بين سقوط قطرةٍ وسقوط اخرى.
وأمّا المرتبة الثالثة فإلحاقها بالمرتبة الرابعة في عدم الاعتصام يتوقّف على النظر في مدرك إخراج المرتبة الرابعة من دليل الاعتصام.
[1] وسائل الشيعة 1: 172، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 6 و 7