الرابع: ما ذكره السيّد الاستاذ[1]– دام ظلّه- من أنّ الماء الجاري بتدفّقٍ يعتبر ماءين، لا ماءً واحداً، فالسافل منه ماء، والعالي ماء آخر، ومع فرض كونهما ماءين، فلا موجب لنجاسة العالي منهما، عند ملاقاة السافل منهما للنجاسة.
ولأجل كونهما ماءين لا يتقوّى أحدهما بالآخر على القاعدة، فالعالي لا ينفعل بملاقاة السافل للنجاسة، ولا يتقوّى السافل به إذا فرض أنّ المجموع من السافل والعالي كان كرّاً؛ لأنّهما ماءان، فلا موجب للانفعال، ولا للتقوّي على القاعدة.
وإنّما قيل بتقوّي السافل بالعالي على أساس التعبّد بلحاظ أخبار ماء الحمّام، ولا تعبّد بانفعال العالي عند ملاقاة السافل للنجاسة، فيبقى على ما يقتضيه تعدّد الماء من عدم السراية. وهذا خلافاً للماء الساكن فإنّه بمجموعه يعتبر فرداً واحداً من الماء، فينجس بتمام أجزائه عند ملاقاة النجس لجزءٍ منه، كما أنّ بعضه يتقوّى ببعض. هذا خلاصة ما أفاده دام ظلّه.
ولنا حول هذا الوجه كلامان:
أحدهما: أنّ مجرّد إبراز تعدّد الماء عرفاً، وكون العالي ماءً في مقابل السافل لا يكفي لإثبات طهارة العالي؛ لأنّ كونهما ماءين ينفي تنجّس العالي بنفس ملاقاة السافل للنجاسة.
ولكن يبقى مع ذلك سؤال: أ نّه لماذا لا يتنجّس بملاقاته للسافل نفسه الذي تنجّس بالنجس؟ لأنّ المفروض اتّصال السافل بالعالي، وهذا الاتّصال لو سلّم أ نّه لا يوجب وحدة العالي والسافل فهو يوجب على الأقلّ ملاقاة أحدهما للآخر، فلا بدّ من استئناف نكتةٍ اخرى لتفسير عدم انفعال العالي بالملاقاة للسافل.
[1] التنقيح 1: 55