المشار إليها؛ لأنّ النهي فيها وإن كان يستفاد منه النجاسة ولكن كما يمكن أن يكون بلحاظ نجاسة المائع بتمامه يمكن أن يكون بلحاظ اشتماله على النجس، وعدم إمكان تميّز النجس عن غيره عادةً.
فإن قيل: بالإمكان تعيين الأوّل، على أساس ظهور الدليل في الحكم الواقعي، فإنّنا إذا حملنا النهي عن المجموع على السراية كان واقعياً، وإذا حملناه على الاختلاط كان ظاهرياً.
قلنا: إنّ نفي الظاهرية وتعيين الواقعية إنّما يكون بإطلاق الدليل لغير صورة الشكّ، فإنّ هذا الإطلاق هو الذي ينفي الظاهرية لتقوُّم الحكم الظاهريّ بالشكّ.
وهذا الإطلاق غير موجودٍ في المقام؛ لأنّ التمييز بين الجزء المتنجّس وغيره غيرممكنٍ عادةً.
وعلى أيّ حالٍ فقد اتّضح أنّ النجاسة تسري إلى تمام المائع بلحاظ دليل الانفعال العامّ مع تحكيم الارتكاز.
المقام الثاني: بعد الفراغ عن سراية النجاسة إلى تمام المائع لا بد أن نلاحظ أنّ النجاسة هل تسري إلى الجزء العالي إذا كان الماء جارياً ولاقت النجاسة الجزء الأسفل، كما لو كان ساكناً، أوْ لا؟
وما يُقرَّب به عدم السراية إلى الجزء العالي وجوه:
الأوّل: أ نّه لم يتحصّل لدينا دليل لفظيّ على انفعال الماء أو المضاف، وإنّما العمدة في إثبات انفعاله والخروج عمّا هو مقتضى القاعدة من الحكم بالطهارة هو الإجماع.
ومن المعلوم أنّ الماء أو المضاف إذا كان بعضه عالياً وبعضه سافلًا ولاقت النجاسة مع السافل منه في حالة الجريان فلا إجماع على نجاسة تمامه بهذه الملاقاة، وإنّما الإجماع على نجاسة الجزء السافل منه فحسب.