والمقارنة بين امم موسى وعيسى و [بين] المسؤوليّات التي تحمّلتها الامّة الإسلاميّة حينما نزل الوحي على النبي (صلّى الله عليه وآله) بالرسالة الخاتمة تكشف عن الدرجة الكبيرة في تحمّل المسؤوليّات، وهذه الدرجة الكبيرة في تحمّل المسؤوليّات تعبّر عن نموّ الاستعداد على مرّ الزمن.
موسى [ (عليه السلام)] مات وشعب بني إسرائيل في التيه، يعني: توّج حياته، توّج كلّ أعماله، توَّجَها بكلّ ما يُمكنه من جهاد وتضحية في سبيل أداء رسالته، ولكنّه أنهى حياته وشعبُ بني إسرائيل في التيه. كتب الله عليهم التيه أربعين عاماً[1]؛ لأنّهم لم يستجيبوا أبداً لمتطلّبات الرسالة، لم يستجيبوا أبداً لما تقتضيه رسالة موسى بالنسبة إليهم، حتّى خلّفهم موسى حيارى ومات.
أين هذا من امّةٍ حملت أعباء الرسالة؟
هذا هو الخطّ الثاني من الخطوط الثلاثة. لا بدّ لي أن أختصر الكلام.
3- الخطّ الثالث: سيطرة الإنسان على الطبيعة:
الخطّ الثالث من الخطوط الثلاثة هو خطّ سيطرة الإنسان على الكون والطبيعة. هذا الخطّ خطٌّ متطوّر قبل الإسلام وبعد الإسلام، ولن يقف هذا الخطُّ عند مرحلةٍ من المراحل على الإطلاق.
الإنسان سوف لن تقف سيطرته- بإذن الله- عند مرحلةٍ من مراحل الاستيلاء على الكون والطبيعة. إن انتهى استيلاؤه الكامل على الأرض، سوف يفكّر في الاستيلاء على السماء، في الاستيلاء على كلّ أبعاد الكون[2].
إذاً: فهو في نموٍّ مستمرّ لا ينقطع، ولا توضع له حدود مفترضة من هذه الناحية. فلو كانت النبوّة مرتبطةً بهذا الخطّ أيضاً، لتحتّم أن تتغيّر النبوّات على
[1] قال تعالى: قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ المائدة: 26.
[2] راجع حول( علاقة الإنسان مع الطبيعة): المدرسة القرآنيّة: 158، الدرس الثاني عشر.