الفكريّة الأساسيّة التي تعمل بموجبها كلُّ نبوّة؛ فمهما صعدت درجة الوعي لهذه القاعدة الأساسيّة يجب أن تُعطى لها الصيغة المعمّقة الأكبر[1].
2- الخطُّ الثاني: المسؤوليّة الأخلاقيّة للدعوة:
الخطُّ الثاني هو خطُّ تحمّل أعباء المسؤوليّة الأخلاقيّة للدعوة، يعني: كون الإنسان بالغاً إلى درجةٍ تؤهّله لأنْ يتحمّل أعباء دعوةٍ لها ضريبتُها وواجباتُها وآلامُها وهمومُها.
مثل هذا التحمّل أيضاً له درجات، ولم يستطع الإنسان بالطفرة أن يصل إلى درجة تحمّل أعباء رسالة عالميّة واسعة غيرِ محدودةِ الزمان والمكان، لم يستطع أن يصل إلى هذا بالطفرة، وإنّما استطاع أن يصل إلى ذلك عبر مرانٍ طويلٍ على تحمّل المسؤوليّات.
البشريّة بقيت تتحمّل المسؤوليّات عبر مرانٍ طويل، ونمت خلال مرانها الطويل حتّى استطاعت أن تتحمّل مسؤوليّةَ رسالةٍ لا حدَّ لها، ممتدّةٍ مع الزمان والمكان، وإلّا فأيّ مسؤوليّاتٍ كانت تتحمّلها امم الأنبياء السابقين؟!
الامم التي تنكشف أمامنا اليوم [تواريخُها] هي اممُ موسى وعيسى،
[1] هنا يسجّل أحد الحاضرين مداخلة باللغة الفارسيّة قائلًا: إنّه ليس معلوماً أن تكون للتوراة والإنجيل الحاليّين علاقةٌ بالتوراة والإنجيل النازلين من عند الله تعالى، فيجيب الشهيد الصدر( قدّس سرّه):« أنا هكذا بيّنتُ: بأنّ التحريف لا يمنع عن افتراض وجود نصوص دينيّة كثيرة في التوراة[ والإنجيل]، خاصّة في التوراة؛ باعتبار أنّ القرآن يقول بأنّ هؤلاء عندهم التوراة، وظاهرهُ أنّ التوراة المعاشة في أيّام النبي( صلّى الله عليه وآله) كان فيها جزءٌ كبيرٌ معتدٌّ به ممّا انزل على موسى[( عليه السلام)]. ثمّ- على أيّ حال- هي تمثّل الروح الدينيّة العامّة؛ يعني: إنّ الأناجيل حتّى لو فرض أنّها لا تمثّل شيئاً ممّا نزل على السيّد المسيح( عليه السلام)- كما هو المفروض في الأناجيل، لا في التوراة-، إلّا أنّها تمثّل الروح الدينيّة العامّة؛ فإنّ الروح الدينيّة العامّة بعد السيّد المسيح هي هذه الروح التي كتب بها أصحاب الأناجيل هذه الكتب، المفاهيم التي كان يعيشها الناس وقتئذٍ هي هذه المفاهيم؛ فهذا يكشف عن المستوى العام للوعي التوحيدي وقتئذٍ، وإن لم يكشف عن حدود ما أعطاه السيّد المسيح بالذات. وهذا يكفي كاستشهاد على تطوّر الوعي التوحيدي على مرّ الزمن».