هذه الوصفة فيها فراغات كبيرة لا يمكن أن تقدّم مع هذه الفراغات إلى الناس، فأصبحت هذه الفراغات تُملأ عن هذا الطريق.
إذاً: هذا أيضاً من الأسباب المعقولة لتغيير النبوّة: أن لا يبقى من ذلك النبي تراثٌ حيٌّ يمكن أن يقامَ على أساسه العملُ، وترتكزَ بموجبه الدعوةُ إلى الله تعالى.
السبب الثالث: محدوديّة نفس النبي:
وأيضاً من جملة الأسباب التي يمكن أن يقوم على أساسها التغييرُ في النبوّة: هو أن تكون الرسالة التي هبطت على النبي محدودةً باعتبار محدوديّة نفس النبي.
[إنّ مفهوم][1] (النبي) وإن كان مفهوماً عامّاً، إلّا أنّ هذا المفهوم العام- على ما يقوله المناطقة[2]– يصدق على أفراده بالتشكيك.
هناك- على ما تقول الروايات[3]– نبيٌّ للبشريّة، ونبيٌّ للجماعة، ونبيٌّ للقبيلة. هناك نبوّات تختلف من حيث السعة والضيق باختلاف طبيعة النبي نفسه، باعتبار مستوى كفاءة [القيادة][4] الفكريّة والعمليّة في نفس النبي.
فمحدوديّة الكفاءة القياديّة في المجالين الفكري والعملي، هذا ممّا يؤثّر في تحديد الرسالة التي يحملها النبي؛ لأنّ كلّ إنسانٍ على الأرض لا يمكن أن يحمل رسالة يحارب ويجاهد ويدافع عنها حقيقةً إلّا إذا كان مستوعباً لها استيعاباً كاملًا شاملًا، وهذا الاستيعاب الكامل الشامل يتطلّب من هذا الداعية
[1] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.
[2] تقدّم تعريف( التشكيك) في المحاضرة السابقة. راجع: كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم 447: 1.
[3] انظر: كمال الدين وتمام النعمة 219: 1، الحديث 2.
[4] صوت الشهيد الصدر( قدّس سرّه) هنا مشوّش، ولعلّه قال:« التجربة»، وما أثبتناه من( ف) و( غ) و( و)، وهو يناسب ما يأتي.