أو الروحيّة والأخلاقيّة، وهذه الأمراض تستفحل بموجب شروطٍ موضوعيّةٍ خاصّة، وتحتاج هذه الأمراض إلى نوعٍ من العلاج، فقد يتلطّف[1] المولى سبحانه وتعالى بإنزال وحي معيّن لأجل علاج هذه الحالة المرضيّة الاستثنائيّة في ذلك المكان المعيّن والزمان المعيّن.
وبطبيعة الحال، سوف تكون الوصفة المقدّمة من قبل هذه الرسالة المرحليّة لعلاج هذا المرض قائمةً على أساس هذا الحال الاستثنائي المنحرف الذي يعيشه إنسان عصر هذه النبوّة.
ومن المنطقي والمعقول أن لا تصحّ وصفةٌ من هذا القبيل على كلّ زمانٍ أو مكان؛ فكلّ إنسانٍ منّا قد يستعمل وصفةً معيّنة في حالةٍ مَرَضيّة، إلّا أنّ هذه الوصفة نفسها لا يمكن أن تصبح غذاءً اعتياديّاً للإنسان في كلّ زمانٍ ومكان.
فحينما تكون النبوّة- في طبيعة تركيبها- قد جاءت لعلاج مرض معيّنٍ طارئٍ في حياة الإنسان، وتكون في طبيعة رسالتها قد صمّمت وفق هذه الحاجة .. فحينما تكون هذه النبوّة هكذا وتدخل شوط عملها وجهادها، وتحارب وتكافح في سبيل استئصال هذا المرض الاستثنائي، بعد هذا تكون هذه النبوّة قد استنفدت أغراضها؛ لأنّها جاءت لمعركة جزئيّة محدّدة بظروف زمانيّة ومكانيّة خاصّة، وهذه المعركة انتهت خلال هذا الشوط.
فمثلًا: ما يقال من أنّ المسيحيّة كانت تتّجه إلى نزعة روحيّة مفرطة، يعني إلى الإفراط في الروحيّة، والتركيز على الجانب الغيبي بدرجةٍ أكبر بكثير من التركيز على أيّ جانب من جوانب الحياة المعاشة المحسوسة .. يقال عادةً: إنّ هذا التركيز على الجانب الغيبي اللامنظور، التركيزَ على جعل النفس منقطعةً عن كلّ علائق الدنيا، هذا التركيز الذي [قامت] على أساسه بعد هذا
[1] كذا في المحاضرة الصوتيّة، والأنسبُ للعبارة:« فيتلطّف»؛ جواباً لما تقدّم.