خطّه، أن تلتزم رسالته، أن تدافع عن رايته، أن تَلْزَمَ شعاراته، حينما تُسِرُّ[1] في نفسك وتؤكّد على نفسك باستمرار أنّ هذا هو معنى العبوديّة، وأنّك دائماً وأبداً يجب أن تعيش لله، حينما توحي إلى نفسك بأنّك يجب أن تعيش لله، سوف تتعمّق فكرة العيش لله في ذهنك، سوف تتّسع، سوف تصبح بالتدريج شبحاً يكاد أن يكون حسّيّاً بعد أن كان نظريّاً عقليّاً صرفاً.
أَلَيس هناك أشخاص من الأولياء والعلماء والصدّيقين قد استطاعوا أن يكشفوا محتوى هذه القيم والمثل بامّ أعينهم؟ ولم يستطيعوا أن يكشفوها بامّ أعينهم إلّا بعد أن عاشوها عيشاً تفصيليّاً مع الالتفات التفصيلي الدائم، وهذه عمليّة شاقّة جدّاً؛ لأنّ الإنسان- كما قلنا- ينفعل بالحسّ، وما أكثر المحسوسات من أمامه ومن خلفه، الدنيا كلّها بين يديه تُمتِّع حسَّه بمختلف الأشياء، هو يجب عليه دائماً وهو يعيش في هذه الدنيا التي تنقل إلى عينه مئات المبصَرات، وتنقل مئات المسموعات، يجب عليه أن يلقّن نفسه دائماً بهذه الأفكار، ويؤكّد هذه الأفكار، خاصّة في لحظات ارتفاعه، في لحظات تساميه؛ لأنّ أكثر الناس- إلّا من عصم الله- تحصل له لحظات التسامي وتحصل له لحظات الانخفاض.
لحظة الجلوة والانفتاح:
ليس كلّ إنسانٍ يعيش محمّداً [ (صلّى الله عليه وآله)] مئة بالمئة، وإلّا لكان كلُّ الناس من طلّابه الحقيقيّين، كلّ إنسانٍ هو لا يعيش محمّداً (صلّى الله عليه وآله) إلّا لحظاتٍ معيّنةً تتّسع وتضيق بقدر تفاعل هذا الإنسان برسالة محمّد (صلّى الله عليه وآله).
إذاً، ففي تلك اللحظات التي تمرّ على أيّ واحدٍ منّا، ويحسّ بأنّ قلبه
[1] هذا هو المثبَت في( غ) و( ف)، وهو ما يبدو من المحاضرة الصوتيّة، ويُحتمل منها أيضاً:« تصِرُّ»، وكلاهما ينسجم مع السياق؛ ف-( الإسرار) ينسجم مع( الإيحاء) المتقدّم، و( الإصرار) ينسجم مع( التأكيد) الآتي ذكرُه قريباً.