ليس كلّ درجة من الوضوح معناها النبوّة، هناك ملايين من درجات الوضوح قبل أن تصبح نبيّاً، يمكن أن تكسب ملايين من درجات الوضوح- ملايين من الدرجات وهذه المراتب المتصاعدة- قبل أن تبلغ إلى الدرجة التي أصبح فيها موسى [ (عليه السلام)] في لحظةٍ استحقّ فيها أن يخاطبه الله تعالى، أو قبل أن تصل إلى الدرجة التي بلغ إليها محمّد (صلّى الله عليه وآله) حينما هبط عليه أشرف كتب السماء.
هناك ملايين من الدرجات، وهذه الملايين بابها مفتوحٌ أمامنا، ولا بدّ لنا أن لا نقتصر، أن لا نزهد في هذا التطوير العقلي للقيم والمثل الموجود عندنا، لا بدّلنا أن نطمع في أكثر من هذا من الوضوح، وفي أكثر من هذا من التحدّد ومن الحسّية، لابدّ لنا أن نفكّر في أن نُعبّئ كلَّ وجودنا بهذه القيم والمُثُل؛ لكي تكون على مستوى المحسوسات بالنسبة إلينا.
أساليب استنزال القيم العقليّة إلى مستوى المحسوسات:
من أساليب استنزال هذه القيم والمثل إلى مستوى المحسوسات هو التأكيد الذهني عليها باستمرار، هو الإيحاء بها، إيحاء الإنسان بها إلى نفسه باستمرار.
حينما توحي إلى نفسك باستمرار بهذه الأفكار الرفيعة، حينما توحي إلى نفسك باستمرار بأنّك عبدٌ مملوكٌ لله تعالى، وأنّ الله تبارك وتعالى هو المالك المطلق لأمرك وسلوكك ووجودك، وهو المخطِّط لوضعك ومستقبلك وحاضرك، وأنّه هو الذي يرعاك بعينٍ لا تنام في دنياك وفي آخرتك، حينما توحي إلى نفسك بهذه العبوديّة، وتوحي إلى نفسك باستمرار بمستلزمات هذه العبوديّة، من أنّك مسؤول أمام هذا المولى العظيم، مسؤول أن تطيعه، أن تطبّق