بعينيه، لم يرَ أنّ هناك يداً قذفت بهذه الفكرة إلى ذهنه.
القسم الثاني [هو] الأفكار الاعتياديّة، الأفكار الاعتياديّة التي تعيش في أذهان الناس هي من القسم الثاني.
وأمّا القسم الأوّل- وهي[1] الأفكار التي تُقذف في ذهن إنسان، فيتوفّر لدى ذاك الإنسان حسٌّ بها بأنّها قُذفت إليه من الله تعالى، وافيضت عليه من واهب المعرفة- فهذه أيضاً على أقسام؛ لأنّ هذا الإنسان:
أ- تارةً قد بلغ حسُّه إلى القمّة، قد استطاع أن يحسّ بالعطاء الإلهي من كلّ وجوهه، من كلّ جوانبه، يسمعه ويبصره، يراه من جميع جهاته، يتفاعل معه بكلّ ما يمكن للحسّ أن يتفاعل مع حقيقة.
هذا هو الذي يعبّر عنه بمصطلح الروايات- على ما يظهر من بعضها[2]– بمقامٍ عالٍ من الأنبياء، مقام الرسول الذي يسمع الصوت ويرى الشخص أيضاً.
ويمكن أن نفترض أنّ هناك ألواناً اخرى من الحسّ تدعم هذا الحسّ السمعي والبصري عند هذا الإنسان العظيم؛ فهو يحسّ بالحقيقة المعطاة من الله تعالى من جميع جوانبها، يحسّ بها بكلّ ما اوتي من أدوات الحسّ بالنسبة إليه.
هذا هو الدرجة العالية من الحسّ وقابليّة الاتّصال مع العطاء الإلهي.
ب- واخرى يُفترض أنّه يحسّ بها من بعض جوانبها، وهو الذي عُبِّر
[1] ضمائر التأنيث في هذا المقطع ترجع تقديراً إلى( أفكار) القسم الأوّل.
[2] عن أبي جعفر وأبي عبدالله( عليهما السلام):« .. الرسول: الذي يظهر له المَلَك فيكلّمه، والنبي هو الذي يرى في منامه، وربما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد، والمحدَّث: الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة» الكافي 177: 1، الحديث 4، وعن أبي جعفر( عليه السلام):« النبي هو الذي يرى في منامه، يسمع الصوت ولا يعاين المَلَك، والرسول يعاين المَلَكَ ويكلّمه، قلتُ: فالإمام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين المَلَك، ثمّ تلا هذه الآية: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ( الشورى: 51)» الاختصاص: 328.