مبرّرات رفض الإمام علي (عليه السلام) سياسة المساومات وأنصاف الحلول:
الواقع- أيّها الإخوان- هو أنّ الإمام (عليه الصلاة والسلام) كان لا بدّ له أن ينهج هذا الطريق، ولم يكن بإمكانه- كقائدٍ رساليٍّ يمثّل الإسلام وأهدافه- أن يقبل هذه المساومات وأنصاف الحلول ولو كمقدّمة، وليس قانون باب التزاحم الفقهي هنا صالحاً للانطباق على موقف أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام)، وذلك بعد أخذ النقاط الآتية بعين الاعتبار:
النقطة الاولى: إعداد بيئة رساليّة لإنشاء الجيش العقائدي:
أوّلًا: لا بدّ وأن يلحظ في المقام أنّ أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) كان يريد أن يرسّخ قاعدة سلطانه في قطر جديد من أقطار العالم الإسلامي، وهذا القطر هو العراق، وكان شعب العراق وأبناء العراق مرتبطين روحيّاً وعاطفيّاً بالإمام (عليه الصلاة والسلام)، ولكن لم يكن شعب العراق ولا أبناء العراق يعون رسالة عليٍّ (عليه الصلاة والسلام) وعياً حقيقيّاً كاملًا.
ولهذا كان الإمام عليٌّ بحاجة إلى أن يبني تلك الطليعة العقائديّة، ذلك الجيش العقائدي الذي يكون أميناً على الرسالة، وأميناً على الأهداف، وساعداً له، ومنطَلَقاً له بالنسبة إلى ترسيخ هذه الأهداف في كلّ أرجاء العالم الإسلامي.
كان الإمام عليٌّ بحاجةٍ إلى أن يبني هذه القاعدة، لم يكن يملك هذه القاعدة، كان بحاجة إلى أن يبنيها. إذاً، كيف يبني هذه القاعدة؟ هل يمكن أن يبني هذه القاعدة في جوٍّ من المساومات وأنصاف الحلول، حتّى لو كانت المساومات وأنصاف الحلول جائزةً شرعاً؟!
افرضوا أنّ هذه المساومات و [أنصاف] الحلول كانت جائزة شرعاً، إلّا أنّ جوازها الشرعي لا يؤثّر في هذه الحقيقة النفسيّة الواقعيّة شيئاً، وهي: أنّ شخصاً لا يمكن أن يعيش في جوٍّ من المساومات وأنصاف الحلول فيكتسب