الحكم والانحراف الذي كان قبله، ومع هذا مارس الحكم وضحّى في سبيل هذا الحكم بعشرات الآلاف من المسلمين.
أوّلُ من قتل الآلاف من المسلمين في سبيل الحكم هو عليٌّ (عليه السلام)، وذلك في سبيل أن يقدّم الاطروحة الصحيحة الصريحة للإسلام وللحياة الإسلاميّة، وقد قلت بالأمس[1]– واؤكّد اليوم مرّة اخرى- بأنّ عليّاً (عليه السلام) في معارضته، في حكمه، لم يكن يمثّل الشيعة فقط، ولم يكن يؤثّر على انحراف الشيعة فقط، بل كان يؤثّر على مجموع الامّة الإسلاميّة.
عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) ربّى المسلمين جميعاً، شيعةً وسنّةً[2]، حصّن المسلمين جميعاً، شيعةً وسنّة، عليٌّ (عليه السلام) عرّف المسلمين جميعاً- سنّةً وشيعة- قيمة الإسلام وعظمة الإسلام، عليٌّ (عليه السلام) أصبح اطروحةً ومثلًا أعلى للإسلام الحقيقي. من الذي كان يحارب مع الإمام علي (عليه السلام)؟
هؤلاء المسلمون الذين كانوا يحاربون المسلمين في سبيل هذه الاطروحة الغالية، وفي سبيل هذا المثل الأعلى، أَكانوا كلّهم شيعةً بالمعنى الأخصّ؟ لا، لم يكونوا كلّهم شيعة.
هذه الجماهير التي انتفضت بعد عليٍّ (عليه السلام) على مرّ التاريخ بزعامات أهل البيت (عليهم السلام)، بزعامات العلويّين الثائرين من أهل البيت، الذين كانوا يرفعون راية عليٍّ (عليه السلام) وشعار عليٍّ (عليه السلام) للحكم، هؤلاء كلّهم كانوا شيعةً بالمعنى الأخصّ؟ لا، لم يكونوا شيعةً بالمعنى الأخصّ، بل كان أكثرهم لا يؤمن بعليٍّ (عليه السلام) إيمانَنا
[1] في المحاضرة السادسة، تحت عنوان: تخطيط الأئمّة( عليهم السلام) لمواجهة الانحراف؛ حيث تقدّم« أنّ هذه الاطروحة التي قدّمها الأئمّة( عليهم السلام) للإسلام لم تكن تتفاعل مع الشيعة المؤمنين بإمامة أهل البيت( عليهم السلام) فقط، بل كان لها صدىً كبيرٌ في كلّ العالم الإسلامي».
[2] يقصد( قدّس سرّه) على التوالي: من لم يوالِه ومن والاه، وإلّا فقد صرّح( قدّس سرّه) في المحاضرة الخامسة عشرة أنّ تسمية هذه« الكتلة» ب-« الشيعة» من تسميات اليوم.