الأهداف لا أصحاب الأشخاص، واستطاع هذا في كلّ الشعارات التي طرحها، واستطاع أن يثبت أنّه بالرغم من أنّ رغبته في أن يصبح الحاكم كانت في القمّة، لكن مع ذلك لم يكن مستعدّاً أبداً لأنْ يصبح حاكماً مع وجود الشروط التي وضعت.
أَلم تعرض عليه الحاكميّة بعد موت عمر؟! ولكن عندما وجد شرطاً من الشروط قد اختلّ في هذه الرسالة رفض هذه الحاكميّة[1].
د- عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) بالرغم من أنّه كان في أشدّ ما يكون سعياً وراء الحكم، جاءه المسلمون بعد أن قتل عثمان وعرضوا عليه أن يكون حاكماً، قال لهم: «بايعوا غيري وأنا أكون كأحدكم، بل أكون أطوعَكم لهذا الحاكم الذي تبايعونه ما سلمت امور المسلمين في عدله وعمله»[2].
يقول ذلك لأنّ الخطر الذي تواجهه الامّة الإسلاميّة كبيرٌ جدّاً، [ولأنّ] بذرةَ الانحرافِ التي عاشها المسلمون بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى أن قتل عثمان تمادت وتعمّقت وتجبّرت وطغت. هذا الانحراف الذي استكبر، الذي خلّف التناقضات في الامّة الإسلاميّة، هذا عبءٌ كبيرٌ جدّاً.
ماذا يريد أن يقول؟
يريد أن يقول بأنّي لا أقبل شيئاً إلّا أن تصفّوا هذا الانحراف، أنا أقبل الحكم الذي يصفّي هذا الانحراف ويقتلع جذوره، لا الحكم الذي يصانعه.
هذه الإحجامات عن قبول الحكم في مثل هذه اللحظات كانت تؤكّد الطابع الرسالي لحرقته، للوعته، لأساه، لألمه، لرغبته في أن يكون حاكماً.
[1] الطبقات الكبرى 259: 3؛ الإمامة والسياسة 43: 1؛ أنساب الأشراف 501: 5؛ تاريخ اليعقوبي 2: 158؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 192: 4؛ الفتوح 325: 2؛ البدء والتاريخ 190: 5.
[2] « وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خيرٌ لكم منّي أميراً» نهج البلاغة: 136، الخطبة 92.