بكر وعمر[1].
لكن بعد أن تمّ الأمر لعثمان وبويع في يوم الشورى، عليٌّ (عليه السلام) قوّض خلافته بأنْ قال: إنّي سوف أسكت ما سلمت امور المسلمين ومصالحهم[2]. ما دام الغبن عليَّ وحدي، ما دمت أنا المظلومَ وحدي، وما دام حقّي وحده هو الضائع، إنّي سوف أسكت وابايع واطيع عثمان. لكن إذا تهدّمت مصالح المسلمين وقضاياهم وكرامتهم وإسلامهم، إذا واجهوا مصائبهم نتيجةً لهذه الزعامة المنحرفة، فلن أستطيع الصبر والسكوت.
هذا هو الشعار الذي أعطاه بصراحة مع أبي بكر وعمر وعثمان، وبهذا الشعار أصبح في عمله رساليّاً، وانعكست هذه الرسالة على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام).
وبقي (عليه السلام) ملتزماً بما تعهّد به من السكوت إلى أن بدأ الانحراف في حياة عثمان بشكل مفضوح، فلم يصبر في حياة عثمان؛ لأنّ الانحراف تكشّف، وارتفعت تلك الأقنعة، وفقد الارتباط بالحرارة الإيمانيّة التي ارتبط بها الانحراف في أيّام الخليفة الأوّل والثاني. ولهذا أسفر عليٌّ (عليه السلام) عن المعارضة، وواجه عثمان بما سنتحدّث عنه بعد ذلك[3].
فعليٌّ (عليه السلام) في محاولته تسلّم زمام التجربة وزعامة القضيّة الإسلاميّة كان يريد أن يوفِّق بين هذا الوجه الظاهري للعمل وبين الوجه الواقعي للعمل.
ولقد استطاع ذلك، واستطاع أن يوفّق بينهما توفيقاً كاملًا، واستطاع هذا في توقيته للعمل، وفي تربيته لأصحابه؛ حيث ربّاهم على أنّهم أصحاب
[1] راجع: المحاضرة الخامسة، تحت عنوان: حيثيّات بدء أمير المؤمنين( عليه السلام) الصراعَ السياسي.
[2] « لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري، ووالله! لأسلمنّ ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلّا عليَّ خاصّة» نهج البلاغة: 102، الخطبة 74.
[3] لم تسنح الفرصة أمامه( قدّس سرّه) للحديث عن هذا الجانب كما وعد.