هو الشخص، أنّ المقياس هو الأهداف وليس هو الفرد، مهما كان هذا الفرد عظيماً.
هل يوجد شخص أعظم من عليّ بن أبي طالب؟ لا يوجد هناك شخصٌ أعظم منه إلّا استاذه (صلّى الله عليه وآله)، لكن مع هذا، جعل المقياس هو الحقّ لا المقياس هو نفسه.
ب- لمّا جاء ذلك الشخص وسأله عن الحقّ في حرب الجمل: هل هو مع هذا الجيش؟ كان هذا الرجل يعيش في حالة تردّدٍ بين عائشة وعلي، يريد أن يوازن بين عائشة وعلي، أيّهما أفضل؟ حتّى يحكم بأنّ عائشة مع الحقّ أو علي مع الحقّ، أَجُهود عائشة أفضل للإسلام أم جهود علي؟ قال له الإمام: «اعرف الحقّ تعرف أهله»[1].
علي (عليه السلام) كان يصرّ دائماً على أن يعطي العمل الشخصي طابعه الرسالي، لا طابع المكاسب الشخصيّة بالنسبة إليه.
ج- وهذا هو الذي يفسّر لنا أنّ عليّاً (عليه السلام)- بعد أن فشل في تعبئته الفكريّة عقيب وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)- لم يعارض أبا بكر وعمر معارضةً واضحةً سافرةً طيلة حياتهما؛ ذلك أنّ أوّل موقفٍ اعتزم فيه على المعارضة والمواجهة بعد تلك التعبئة الفكريّة وإعطائها الشكل الواضح والصريح كان عقيب وفاة عمر، وذلك يوم الشورى، حينما حطّم صنميّة أبي بكر وعمر عندما عرض عليه عبد الرحمن بن عوف أن يبايعه على كتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الشيخين؛ فإنّه أبى أن يبايع على ذلك، وقال: «بل على كتاب الله وسنّة نبيّه واجتهاد رأيي»[2]. هنا أعلن عليّ (عليه السلام) عن معارضة عمر.
في حياة أبي بكر وعمر- بعد تلك التعبئة- لم يبدُ من الإمام موقف
[1] تقدّم تخريجه آنفاً، وقد قال ذلك للحارث الهمداني.
[2] شرح نهج البلاغة 188: 1، وفيه:« سنّة رسوله». وانظر قريباً منه في: تاريخ اليعقوبي 162: 2.