ملك تلك الأهداف لا ملك نفسه.
أيُّ زعيمٍ يمكن أن ينحرف خلال خطّ عمله:
إذا افترضنا أنّ هذا الزعيم قد ربّى أصحابه على أنّهم أصحابه هو، فإنّهم قد لا يستطيعون تقويمه بعد هذا.
وأمّا إذا ربّى أصحابه على أنّهم أصحاب أهدافه لا أصحاب نفسه، فإنّهم سوف ينظرون إلى هذا الشخص المربّي من خلال تلك الأهداف، ويحكمون عليه من خلالها، ويقيّمونه على أساسها.
نجاح الإمام عليّ (عليه السلام) في التوفيق بين الوجهين:
وقد انتصر عليٌّ (عليه السلام) انتصاراً عظيماً في تلكما الناحيتين، انتصر عليٌّ (عليه السلام) على نفسه، وانتصر في إعطاء عمله إطارَه الرسالي وطابعه العقائدي انتصاراً كبيراً:
أ- عليٌّ (عليه السلام) ربّى أصحابه على أنّهم أصحاب الأهداف لا أصحاب نفسه، كان يدعو دائماً إلى أنّ الإنسان يجب أن يكون صاحب الحقّ قبل أن يكون صاحب شخصٍ بعينه، عليٌّ (عليه السلام) هو الذي قال: «اعرف الحقّ تعرف أهله»[1].
هو الذي كان يقول للمقداد وأبي ذر وسلمان وعمّار وغيرهم: اعرفوا الحقّ ثمّ احكموا على عليٍّ هل هو مع الحقّ أو لا! لا تأخذوا عليّاً أو عمرَ أو أبا بكر أو سعداً أو أيَّ شخصٍ وتجعلوه مقياساً للحقّ، بل خذوا الحقَّ ثمّ احكموا على عليٍّ وغيره في إطار ذلك الحقّ.
وهذا غاية ما يمكن أن يقدّمه الزعيم من إخلاص في سبيل أهدافه: أن يؤكّد دائماً لأصحابه، لأنصاره- وهذا ما يجب على كلّ المخلصين أن يؤكّدوا عليه في أنفسهم، ويؤكّدوا عليه بين أتباعهم- أنّ المقياس هو الحقّ وليس
[1] « فاعرف الحق تعرف أهله» الأمالي( المفيد): 5، الحديث 3؛ الأمالي( الطوسي): 626، الحديث 5.