زعامة التجربة الإسلاميّة، وتفادي الانحراف الذي وقع.
الإمام علي (عليه السلام) بين ترسيخ الوجه الواقعي وتفادي استغلال الوجه الظاهري:
إلّا أنّ الشيء الذي يجب أن يكون واضحاً- والذي هو في غاية الوضوح في حياة أمير المؤمنين (عليه السلام)- أيضاً هو أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)- خلال عمله في سبيل تزعّم التجربة، وفي سبيل محاربة الانحراف القائم، ومواجهته بالقول الحقّ وبالعمل الحقّ، وشرعيّة حقّه في هذا المجال- كان يواجه مشكلةً كبيرةً جدّاً، وقد استطاع أن ينتصر عليها انتصاراً كبيراً جدّاً أيضاً، وهي مشكلة الوجه الظاهري لهذا العمل والوجه الواقعي له، وعمليّة التوفيق بينهما:
الوجه الظاهري للعمل:
حيث إنّه يتبادر إلى ذهن الإنسان الاعتيادي لأوّل مرّةٍ[1] أنّ العمل في سبيل معارضة زعامة العصر، والعمل في سبيل كسب هذه الزعامة، أنّه عملٌ في إطارٍ فكريٍّ يعبّر عن شعور هذا العامل بوجوده ومصالحه ومكاسبه وأبعاد شخصيّته.
هذا هو التفسير التلقائي الذي يتبادر إلى الأذهان من عملٍ يتمثّل فيه الإصرارُ على معارضة زعامة العصر، وعلى كسب هذه الزعامة[2]. وقد حاول معاوية- كما أشرنا[3]– أن يستغلّ هذه البداهة التقليديّة في مثل هذا الموقف [الصادر] من أمير المؤمنين (عليه السلام) في معركته مع الإمام.
هذا التفسير هو تفسيرٌ للوجه الظاهري للعمل.
الوجه الواقعي للعمل:
إلّا أنّ الوجه الواقعي لهذا العمل من قِبَل الإمام لم يكن هكذا. الوجه الواقعي هو أنَّ عليّاً (عليه السلام) كان يمثّل الرسالة، وكان يمثّل
[1] يقصد( قدّس سرّه): للوهلة الاولى، أي: بدواً.
[2] وهو ما ذكره الإمام علي( عليه السلام) نفسه حيث قال:« وقد قال قائلٌ: إنّك على هذا الأمر يا ابن أبي طالب لحريص، فقلت: بل أنتم والله أحرص» نهج البلاغة: 246، الخطبة 172؛ الإمامة والسياسة 1: 176.
[3] في مطلع الحديث عن الخطّ الأوّل.